لا يستحب صيام الستة من شوال


المسألة:

هل يستحب صيام ستة أيام من شوال بعد يوم العيد؟

الجواب:

القول باستحباب صيام الأيام المذكورة هو مذهب أكثر علماء العامة، وذلك لما ورد من طرقهم عن رسول الله (ص) من الحضِّ على صيام هذه الأيام كقوله (ص) كما في صحيح مسلم: "من صام رمضان ثم اتبعه ستاً من شوال كان كصيام الدهر"(1) إلا انَّ الاستحباب الخاص لهذه الأيام لم يثبت عندنا لعدم ورود ما يدلُّ عليه من طرقنا المعتبرة، نعم ذهب بعض الأعلام إلى استحباب ذلك استناداً إلى ما رُوي عن الإمام زين العابدين (ع) قال: ".. وأَمَّا الصَّوْمُ الَّذِي صَاحِبُه فِيه بِالْخِيَارِ فَصَوْمُ يَوْمِ الْجُمُعَةِ والْخَمِيسِ وصَوْمُ الْبِيضِ وصَوْمُ سِتَّةِ أَيَّامٍ مِنْ شَوَّالٍ بَعْدَ شَهْرِ رَمَضَانَ .."(2).

إلا انَّ هذه الرواية لو سلَّمنا بظهورها في الاستحباب لكنَّها ساقطة عن الحجية لضعف سندها، وذلك لاشتمال السند على مثل محمد بن مسلم بن شهاب الزهري وهو من رواة العامة ولم يُوثَّق عندنا وكان من عمال بني امية.

على انَّ ثمة ما يدلُّ على كراهة الصيام في اليومين أو الثلاثة أيام التي بعد يوم عيد الفطر، وهي ثلاث روايات معتبرة:

الأولى: صحيحة عبد الرحمن بن الحجاج قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن اليومين الذين بعد الفطر، أيصامان أم لا؟ فقال: "أكره لك أن تصومهما"(3).

الثانية: موثقة حريز، عنهم (ع) قال: "إذا أفطرت من رمضان فلا تصومن بعد الفطر تطوعا إلا بعد ثلاث يمضين"(4).

الثالثة: صحيحة ابن أبي عمير، عن زياد بن أبي الحلال قال: قال لنا أبو عبد الله (ع): "لا صيام بعد الأضحى ثلاثة أيام، ولا بعد الفطر ثلاثة أيام، إنها أيام أكلٍ وشرب"(5).

فهذه الروايات الثلاث تدلُّ على كراهة الصيام في اليومين أو الثلاثة أيام التي بعد يوم العيد، فإذا كان المراد من قوله في رواية الزهري: "بَعْدَ شَهْرِ رَمَضَانَ" هو اليوم الأول بعد شهر رمضان كما هو مذهب الأكثر من أبناء العامة فالرواية -أعني رواية الزهري- معارَضة بهذه الروايات الثلاث المعتبرة، فيكون ذلك موجباً آخر لسقوطها عن الإعتبار مضافاً لضعف سندها، وإنْ قلنا بأنَّ رواية الزهري مطلقة فلا تختص بالأيام الستة الأولى بعد العيد فالرواية لا تكون معارَضة بالروايات المعتبرة الثلاث ويمكن الجمع بينها، وذلك بالبناء على استحباب صيام ستة أيام من شهر شوال ولكن في غير الثلاثة الأيام الأولى بعد العيد، فيُلتزم بكراهة صيام الثلاثة الأيام الأولى بعد العيد واستحباب صيام ستة أيام مما عداها من شهر شوال.

ولكنَّ هذا الجمع إنَّما يتمُّ لو كانت رواية الزهري معتبرة أو كنَّا نلتزم بحجيَّة الروايات الضعيفة في المستحبات استناداً لقاعدة التسامح في أدلة السنن إلا انَّ القاعدة غير تامَّة والرواية غير معتبرة سنداً، ولذلك لا يصحُّ البناء على استحبابٍ خاص لصيام ستة أيامٍ من شوال سواءً كان ذلك في الأيام الأولى من شوال أو فيما عداها من أيام الشهر.

والحمد لله رب العالمين

 

الشيخ محمد صنقور


1- صحيح مسلم -مسلم النيسابوري- ج 3 ص 170.

2- وسائل الشيعة (آل البيت) -الحر العاملي- ج 10 ص 412.

3- الكافي -الشيخ الكليني- ج 4 ص 148.

4- وسائل الشيعة (آل البيت) -الحر العاملي- ج 10 ص 519.

5- الكافي -الشيخ الكليني- ج 4 ص 148.