معنى قوله (ص): (لا وليمة إلا في خمس ..)


المسألة:

تقول الرواية: "لا وليمة إلا في خمس .."، فلو تمَّت الوليمة في غير الخمس التي ذكرتها الرواية فهل يُعدُّ ذلك بدعةٌ وتشريع؟


الجواب:

الرواية المشار إليها هي معتبرة موسى بن بكر، عن أبي الحسن (ع): انَّ رسول الله (ع) قال: "لا وليمة إلا في خمس: في عرس، أو خرس أو عذار، أو وكار أو ركاز، فالعرس التزويج، والخرس النفاس بالولد، والعذار الختان، والوكار الرجل يشترى الدار، والركاز الرجل يقدم من مكة"(1).

 

والمنفيُّ في الرواية هو استحباب الوليمة في غير الموارد الخمسة المذكورة أو انَّ المنفيَّ هو تأكُّد استحباب الوليمة في غير الموارد المذكورة، فمساق الرواية هو مساق ما رُوي عن النبيِّ (ص): "لا سهر إلا في ثلاث، تهجُّدٌ بالقرآن، أو طلبُ علم، أو عروسٌ تُهدى إلى زوجها"(2) فإن معنى ذلك هو انَّه لا سهر راجحٌ إلا في ثلاثة شئون.

 

وكذلك هو معنى ما رُوي عن النبيِّ (ص) انَّه قال: "لا سهر بعد العشاء الآخرة إلا لأحد رجلين مصلٍّ أو مسافر"(3).

 

وعليه فمفاد الرواية هو انَّه لا تُستحبُّ الوليمة إلا في الموارد الخمسة المذكورة أو انَّ مفادها هو عدم تأكُّد استحباب الوليمة في غير الموارد المذكورة.

 

والقرينةُ على انَّ المنفيَّ في الرواية هو الاستحباب أو تأكُّده هي قيام الضرورة الفقهية على اباحة الوليمة مطلقاً، فهذه القرينة تقتضي ظهور النفي في إرادة نفي الاستحباب بل ما ورد كثيراً من الحثِّ على اطعام الطعام مطلقاً يصلح لاستظهار انَّ المراد من النفي هو نفيُ تأكُّد الاستحباب في غير الموارد الخمسة المذكورة.

 

وعليه فإذا كان المنفيَّ هو الاستحباب أو تأكُّده فإنَّ من الواضح انَّ ذلك لا يقتضي نفي الإباحة والمشروعيَّة عن غير الموارد الحمسة، فكثيراً ما يكون الفعل غير مستحبٍ شرعاً ولكنَّه مباح، نعم يكون الفعل تشريعاً عندما يقصد المكلَّف استحبابه في فرض عدم ثبوت استحبابه، وأما الإتيان بالفعل المباح مع عدم قصد الاستحباب فإنَّه لا يكون تشريعاً.

 

والحمد لله رب العالمين

 

الشيخ محمد صنقور

 


1- وسائل الشيعة -الحر العاملي- ج14 ص65.

2- وسائل الشيعة -الحر العاملي- ج20 ص92-93.

3- وسائل الشيعة -الحر العاملي- ج6 ص504.