سجدة الشكر بعد كلِّ فريضة


المسألة:

هل سجدة الشكر بعد الصلاة واجبة أو مستحبة فإن بعض الناس لا يسجدها؟


الجواب:

سجدةُ الشكر بعد كلِّ فريضة مستحبةٌ استحباباً مؤكَّداً فلا ينبغي للمؤمن تركها، فقد استفاضت الروايات الواردة عن أهل البيت (ع) في الحضِّ على الالتزام بها، وانَّها من تمام الصلاة، وانَّها تجبرُ ما يقعُ في الصلاة من تقصير، ثم إنَّها من أداء الشكر لله تعالى على توفيقه لأداء فرضٍ من فروضه جلَّ وعلا، وهي ممَّا تُستدرُّ به الرحمة والمزيد من فضل الله ومنحه والكفاية للمهمِّ من أموره، ومَن التزمها كان في مظانِّ الرضوا، كلُّ ذلك نصَّت عليه الروايات الواردة عن أهل البيت (ع) والتي:

 

منها: صحيحة مرازم، عن أبي عبد الله (ع) قال: "سجدة الشكر واجبة على كل مسلم، تتم بها صلاتك، وترضي بها ربك، وتعجب الملائكة منك، وإن العبد إذا صلى ثم سجد سجدة الشكر فتح الرب تبارك وتعالى الحجاب بين العبد وبين الملائكة فيقول: يا ملائكتي انظروا إلى عبدي، أدى قربتي وأتم عهدي، ثم سجد لي شكرا على ما أنعمت به عليه، ملائكتي، ماذا له عندي؟ قال: فتقول الملائكة: ياربنا رحمتك، ثم يقول الرب تبارك وتعالى: ثم ماذا له؟ فتقول الملائكة: يا ربنا جنتك، فيقول الرب تعالى: ثم ماذا؟ فتقول الملائكة يا ربنا كفاية مهمة، فيقول الرب تعالى: ثم ماذا؟ فلا يبقى شئ من الخير إلا قالته الملائكة، فيقول الله تعالى يا ملائكتي، ثم ماذا؟ فتقول الملائكة يا ربنا لا علم لنا، فيقول الله تعالى: لأشكرنه كما شكرني، وأقبل إليه بفضلي وأريه رحمتي"(1).

 

ومنها: ما رواه الصدوق في العلل وعيون الأخبار بسندٍ معتبر عن الحسن بن عليِّ بن فضال عن أبي الحسن الرضا (ع) قال: "السجدة بعد الفريضة شكراً لله عزَّ وجل على ما وفَّق له العبد من أداء فرضه، وأدنى ما يجزي فيها من القول أنْ يقال: شكراً لله، شكرا لله، شكراً لله، ثلاث مرات، قلت: فما معنى قوله: شكرا لله؟ قال: يقول: هذه السجدة مني شكراً لله على ما وفَّقني له من خدمته وأداء فرضه، والشكر موجب للزيادة، فإن كان في الصلاة تقصير لم يتم بالنوافل تمَّ بهذه السجدة"(2).

 

ومعنى قوله (ع) في صحيحة مرازم: "سجدة الشكر واجبةٌ على كلِّ مسلم" انَّ سجدة الشكر من السنن الثابتة كما هو مقتضى المدلول اللغوي لمعنى الوجوب، ويؤيد ذلك ما رواه الطبرسي في "الاحتجاج" عن محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري عن صاحب الزمان (ع) أنه كتب إليه يسأله عن سجدة الشكر بعد الفريضة فإنَّ بعض أصحابنا ذكر أنَّها بدعة فهل يجوز أن يسجدها الرجل بعد الفريضة؟ فأجاب (ع): "سجدة الشكر من ألزم السنن وأوجبها، ولم يقل إنَّ هذه السجدة بدعة إلا من أراد أنْ يُحدث في دين الله بدعة"(3).

 

والحمد لله رب العالمين

 

الشيخ محمد صنقور


1- تهذيب الأحكام -الشيخ الطوسي- ج 2 ص 110.

2- علل الشرائع -الشيخ الصدوق- ج 2 ص 360، عيون أخبار الرضا (ع) -الشيخ الصدوق- ج 1 ص 254.

3- الاحتجاج -الشيخ الطبرسي- ج 2 ص 308.