شمول الدية للإحمرار التقديري


المسألة:

ذكرتم في بعض أجوبتكم -سلمكم الله- أنَّ المناط في الدية كفاية الإحمرار التقديري وذكرتم وجه ذلك وهو أن المستظهر أن الإحمرار كاشف عن حجم الجناية وهو متحقق، إلا يناقش في هذا الاستظهار ان مورد معتبرة اسحاق اللطمة التي حصل بسببها اسوداد او احمرار او اخضرار، فلا اقل من الشك في موضوعية الاحمرار من عدمها وخصوصاً مع استظهار السيد الخوئي عدم شمول المورد لمطلق الجناية واختصاصها بالضرب والحال ان مطلق الجناية اذا احمر لها الوجه فهي كاشفة عن الجناية فكيف لا تثبت الدية؟

الجواب:

المراد من الاحمرار التقديري هو انَّ الاحمرار محرَزُ التحقُّق إلا انَّ مانعاً منع من امكان رؤيته.

ومنشأ استظهار شمول موضوع الدية للاحمرار التقديري هو ما يفهمه العرف من انَّ وضع الدية كان بسبب الجناية وانَّ الجناية لها مراتب وانَّ كلَّ مرتبة لها مقدار من الدية.

فإذا أفاد الشارع انَّ مقدار الدية في الاحمرار هو كذا فإنَّ العرف يفهم من ذلك انَّ الجناية إذا تحقَّق منها الاحمرار كان مقدار الدية كذا، والمفترض انَّ الاحمرار متحقِّق في الاحمرار التقديري فيكون مشمولاً للأمر بالدية بالمقدار المقرَّر في الرواية، ولولا انَّ الدية تثبت بالاحمرار التقديري لكان مقتضى ذلك انَّ الدية تختلف باختلاف أبشار المجني عليهم رغم اتَّحاد نوع وحجم الجناية، وهذا ما لا يُمكن الالتزام به للقطع بعدم ارادته.

وأما انَّ الدية هل تثبت بمطلق الجناية أو بخصوص الجناية بالضرب فالالتزام بالاختصاص لا يُنتج تعيُّن اختيار القول بعدم شمول موضوع الدية للاحمرار التقديري، فإنَّه لو التزمنا بأنَّ الموجب للدية هو الجناية بالضرب فإنَّ مقتضى ذلك هو انَّ موضوع الدية هو الاحمرار الناشئ عن الضرب، وبعبارة أخرى انَّ موضوع الدية هو الجناية بالضرب المحقِّقة للاحمرار سواءً كان هذا الاحمرار مرئياً أو منع عن رؤيته مانع.

فعدم ثبوت الدية المقرَّرة في فرض الجناية بغير الضرب -لو تمَّ البناء عليه- لا ينقض القول بأنَّ المستظهر من معتبرة اسحاق انَّ موضوع الدية هو الجناية المحقِّقة للاحمرار غايته انَّه بناءً على هذا القول هو انَّ الدية المقررة تثبت لنوعٍ خاص من الجناية المحقِّقة للاحمرار وهو الجناية بالضرب وتثبت ديةٌ بمقدار آخر -يُحدَّد بالحكومة- للجناية المحقِّقة للاحمرار بغير الضرب. فالدية ثابتة لمطلق الجناية المحقِّقة للاحمرار ولكنَّ مقدار الدينار والنصف يختص بالجناية بالضرب المحققة للاحمرار.

والحمد لله رب العالمين

 

الشيخ محمد صنقور