الحديث الضعيف قد لا يكون موضوعاً


المسألة:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

1- هل كل حديث ضعيف لا يعمل به موضوع، واذا كان الجواب "لا" فبذلك سوف يضيع الكثير من السنة الشريفة؟

2- في حالة تعارض بين حديثين في مسألة واحد وكان كلٌّ منهما حديثاً معتبراً، فكيف يكون ذلك وحكم الله تعالى واحد؟

3- الفقهاء يعلقون على بعض الأحاديث: أن هذه الرواية لا ترتقي الى الوجوب ولكن يمكن العمل بها استحبابا.

ارجو توضيح هذه المسألة؟

الجواب:

1- ليس كل حديث ضعيفٍ من حيث السند موضوعاً مكذوباً، لأنَّ ضعف السند قد ينشأ عن الإرسال وعدم اتصال السند، وقد ينشأ عن جهالة الراوي وعدم العلم بحاله، ومثل هذا الحديث قد يكون صادقاً واقعاً ولكنَّه ونظراً لفقدانه لشرائط الحجيَّة لا يجوز العمل بمضمونه إلا اذا احتفَّ بقرائن تُوجب العلم بصدوره.

وأما انَّ عدم العمل بالحديث الضعيف يُوجب ضياع الكثير من السنَّة، فذلك لا يُصحِّح العمل بالخبر الضعيف لعدم العلم بأنَّه من السنَّة، فأحكام الله تعالى إنَّما تُؤخذ عن السنَّة الشريفة، وهذا يقتضي احراز انَّ هذا الحديث أو ذاك من السنَّة، وضعف الحديث سنداً يمنع من الإحراز إلا في فرض احتفافه بقرائن علميَّة تُوجب الاطمئنان بصدوره أي تُوجب الاطمئنان بأنَّه من السنَّة.

على ان ضياع بعض السنَّة لعدم العمل بالخبر الضعيف ليس بأخطر من ادخال ما ليس من السنَّة في السنًّة الشريفة، فحماية السنَّة من تسرُّب الأحاديث المكذوبة إليها -وهي كثيرة- أولى بالرعاية، وإنْ ترتَّب عن ذلك ضياع بعض السنَّة.

2- إذا كان الخبران معتبران من حيث السند وكان بينهما تعارض، فإنْ أمكن الجمع العرفي بينهما تعيَّن ذلك، وإلا فيرجًّح الموافق منهما لعموم الكتاب والسنة القطعية، ومع فقدان هذا المرجِّح والمرجحات المنصوصة يسقط كلا الخبرين عن الحجية فلا يمكن العمل بكلا الخبرين لأنَّ حكم الله تعالى واحد في كلِّ واقعة، ولا يمكن العمل بأحدهما دون الآخر لأنَّه ترجيح بلا مرجِّح كما هو الفرض، فالمرجع في مثل هذا الفرض هو الأصول العملية كأصالة البراءة أو الاستصحاب حسب اختلاف الموارد كما نصَّت على ذلك الأدلة.

3- معنى ذلك انَّ الرواية ليست ظاهرة في الوجوب وإن اشتمت على الأمر لوجود قرائن على عدم ارادة الوجوب من الأمر، أو ان الرواية المشتملة على الأمر ضعيفة السند فلا تصلح لإثبات الوجوب فيحمل الأمر على الاستحباب لقاعدة التسامح في أدلة السنن أو يكون الإتيان بالمأمور به راجحاً رجاءً للمطلوبية بناء على عدم حجيَّة قاعدة التسامح.

والحمد لله رب العالمين

 

الشيخ محمد صنقور