وجه الاحتياط في زكاة مال التجارة


المسألة:

ما هو وجه احتياط أحد الفقهاء بثبوت الزكاة لمال التجارة؟ هل هو استقرار المعارضة بين الروايات الخاصة والرجوع إلى العام الفوقاني القاضي بوجوب الزكاة؟

الجواب:

ليس في المقام -ظاهراً - عمومٌ فوقاني حتى يتعيَّنَ الرجوعُ إليه بعد استحكام التعارض، فمثلُ قوله تعالى: ﴿وَآَتُوا الزَّكَاةَ﴾(1) لا إطلاق له، فهو بصدد أصل التشريع، ولو كان له إطلاق لتعيَّن الرجوعُ إليه في كلِّ موردٍ يقعُ الشكُّ في وجوبِ الزكاةِ فيه، ولم يلتزم بذلك أحدٌ ظاهراً، على أنَّه لو كان عموماً فوقانياً لكان اللازمُ هو الإفتاء بالوجوب وليس الاحتياط.

وإذا كان التعارضُ مُستقرَّاً -كما هو الأظهر- فالنتيجةُ مع عدم المرجِّح وعدمِ القولِ بالتخيير هي التساقطُ والرجوعُ إلى أصل البراءة من الوجوب، وكذلك يكونُ الحكمُ هو عدمُ الوجوب لو رجَّحنا بالتقيةِ الطائفةَ المقتضيةَ لعدم الوجوب، إذ انَّ الطائفة القاضية بالوجوب هي الموافقة لرأي جمهور العامة، وبذلك لا يثبتُ الاستحباب لزكاة مال التجارة فضلاً عن الوجوب بناءً على ذلك، نعم لو بنينا على عدم استقرارِ التعارض بين الطائفتين وأنَّه يُمكن الجمع العرفي بينهما فإنَّ الجمع العرفي قاضٍ في المقام بحمل الطائفة الثانية على نفي الوجوب وحمل الطائفةِ الأولى على إرادة الاستحباب.

ومحصَّلةُ الوجوه الثلاثة هي نفيُ الوجوب عن زكاة مال التجارة.

فلا وجه للاحتياط ظاهراً سوى الاستيحاش من الفتوى بنفي الوجوب عن زكاة مال التجارة، وذلك لاستفاضة الروايات المقتضية للوجوب وعدم امكان حملِها على الاستحباب بعد استقرار التعارض بينها وبين الطائفة الثانية النافية للوجوب. فلعلَّ السيد -حفظه الله- لم يقتنع بحمل الطائفة الأولى على التقية ولم يسعه طرح الطائفة النافية للوجوب، والتعارضُ بنظره ظاهراً مستحكمٌ كما هو الصحيح، لذلك احتاط حذراً من الإفتاء بالنفي أو الإيجاب.

والحمد لله رب العالمين

 

الشيخ محمد صنقور


1- سورة البقرة / 43.