المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار


المسألة:

ما صحة الحديث الوارد في قصة المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار في تطليق الرجل زوجته لأخيه المهاجر؟


الجواب:

قصَّةُ المؤاخاةِ بين بعضِ المهاجرينَ وبعض الأنصار في بداية الهجرة ثابتةٌ لكنَّها لم تكن قائمةً على أن يُطلِّق الأنصاريُّ إحدى زوجتيه أو زوجاتِه ليتزوَّجها المهاجريُّ بعد قضائِها العدَّة، فإن ذلك لم يكنْ جزماً ضمنَ عقد المؤاخاةِ الذي وقعَ بين بعضِ المهاجرين وبعض الأنصار، نعم ورد في بعضِ الروايات من طرقِ العامَّة انَّه بلغ من فُرط ِالإيثارِ عند بعضِ الأنصار أنْ تبرَّعَ من عند نفسِه فعرضَ على أخيه المهاجريِّ أن يُطلِّقَ إحدى زوجتيه ليتزوَّجَها بعد انقضاءِ عدَّتها لكنَّ المهاجريَّ شكره ولم يَقبلْ.

 

فقد روى البخاريُّ في صحيحه -وغيرُه- بسندِه حميدِ الطويل قال: سمعتُ أنسَ بنَ مالكٍ قال: قدِم عبدُ الرحمن بنُ عوف فآخى النبيُّ (ص) بينه وبين سعدِ بنِ الربيع الأنصاريِّ، وعند الأنصاريِّ امرأتانِ فعرض عليه أنْ يُناصفَه أهلَه ومالَه فقال: باركَ اللهُ لك في أهلِك ومالِك، دِلُّوني على السوقِ فأتى السوقَ فربح شيئاً ..".

 

وأخرج أحمدُ بن حنبل في مسنده عنمعاذ حميد عن أنس قال: "لما قدِم عبدُ الرحمن بن عوف مهاجراً، آخى النبيُّ (ص) بينه وبين سعدِ بن الربيع فقال له سعدٌ: لي مال فنصفُه لك ولى امرأتانِ فانظر أحبَّهما إليك حتَّى أطلِّقَها، فإذا انقضت عدَّتُها تزوَّجها قال: فقال له عبدُ الرحمن: باركَ اللهُ لك في أهلِك ومالِك دِلُّوني على السوق ..".

 

فهذه الرواية لو صحَّت فهي لا تدلُّ على أكثر من أنَّ الأنصاريَّ سعد بن الربيع تبرَّعَ من عند نفسِه فعرضَ على عبدِ الرحمنِ بن عوف أنْ يُطلِّقَ له إحدى زوجتيه ليتزوَّجها بعد العدَّةِ، ولا تدلُّ على أنَّ ذلك كان من أُصولِ وأركانِ المؤاخاة.

 

والحمد لله رب العالمين

 

الشيخ محمد صنقور