ما معنى: ﴿وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا﴾؟
المسألة:
ما معنى ﴿حَصِيرًا﴾ في قوله تعالى: ﴿وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا﴾؟
الجواب:
معنى الآية هو أنَّه تعالى جعل جهنم للكافرين مَحبساً وسجناً ، فكلمةُ حصير بناءً على ذلك وصفٌ لمقدَّرٍ وهو المكان، فجهنم قد جعلت مكاناً لحبس الكافرين وسجنهم، فكلمة حصير جاءت في الآية بمعنى اسم الفاعل حاصر من الحصر وهو المنع والحبس، فتكون على وزان شهيد بمعنى شاهد وعليم بمعنى عالم، وإنَّما صيغت على وزن فعيل للتعبير عن المبالغة، لأنَّ صيغة فعيل من صِيَغ المبالغة، وقد تكون كلمة حصير هي بنفسها اسم لموضع الحصر والحبس فلا تكون ثمة حاجة إلى تقدير المكان فيكون مفاد الآية هو أنَّه تعالى جعل جهنَّم سجناً لأنَّ كلمة حصير اسم مرادف لكلمة سجنو محبس.
وهناك معنىً آخر لكلمة حصير مستعمل عند العرب قد يكون هو المراد في الآية المباركة، وهو أنَّ الحصير اسم للبساط والفراش الذي يفرشه الإنسان ليجلس أو ينام عليه، وعليه يكونُ معنى الآية انَّ الله تعالى جعل جهنَّم فراشاً ومِهاداً للكافرين أي موضعاً لجلوسهم واضجاعهم كما في قوله تعالى: ﴿لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ﴾ وفي ذلك تعبيرٌ عن احاطة العذاب وشدَّته، إذ انَّهم يكتوون بالنار من تحتِهم كما هي مِن فوقهم وعن أيمانِهم وشمائلِهم كما أن في ذلك اشارة إلى انَّ العذاب مستوعب لتمام أحوالهم فهم يتقلَّبون فيه قياماً وقوعوداً وعلى جوانبهم وحال اضجاعهم أعاذنا الله وإياكم من سخط الله جلَّ وعلا.
ثم إنَّ في توصيفِ جهنَّمَ بالحصير -بناءً على المعنى الثاني- تهكماً بالكافرين، فالحصيرُ إنَّما يُفرشُ على الأرض للتبرُّد وليُتَّقى به من حرارة الرمضاء أو قساوة ضخورها أو ما يدبُّ عليها من الهوام، فمثل ذلك هوما يُنتظر من فرش الحصير، أما أن تفرش الأرض بالجمر الملتهب ويعبَّر عن ذلك بالحصير فذلك من التهكُّم بمن فرشت له فيكون مساق الآية هو مساق قوله تعالى: ﴿وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ﴾ فالمُهل الذي يشوي الوجوهلا يكون غياثاً للظمئان إلا على سبيل التهكُّم.
والحمد لله ربِّ العالمين
الشيخ محمد صنقور