ما معنى: (قطع الأعناق ولا قطع الأرزاق)؟
المسألة:
"قطع الأعناق ولا قطع الأرزاق" هل هو حديث؟ وهل يصحُّ قول إنَّ قطع الأعناق أهون عند الله تعالى من قطع الأرزاق؟
الجواب:
"قطعُ الأعناق ولا قطع الأرزاق" مَثَلٌ ذائعٌ بين الناس، والمقصودُ منه ظاهراً هو التعبيرُ عن شدَّة قُبح السعي في قطع أرزاق الناس، فإذا كان الغرضُ من تشبيهِ قطع الأرزاق بقطعِ الأعناق هو المبالغة والتعبير عن شدَّة قُبح وشناعةِ هذا العمل فهذا المضمونُ صحيحٌ ولا بأس به، فإنَّ من أغراض التشبيه هو المبالغة بل المتعارَف في استعمال التشبيه هو إرادة المبالغة، وذلك بتشبيه الشيءِ بما هو أكملُ منه وأشدُّ وأظهرُ في وَجْه الشبَه، فحين يُقال: زيدٌ كالشمس، فإنَّ المراد من ذلك هو التعبيرُ عن جماله وبهائه، والغرضُ من تشبيهه بالشمس هو المبالغة في التعبير عن جماله وبهائه، وليس الغرضُ هو الإدِّعاء بأنَّ جماله مساوٍ لجمال الشمس بهائها.
ولو كان المرادُ من هذا المَثَل الذائع هو مساواة قطع الأرزاق مع قطع الأعناق أو أشدَّية قطع الأرزاق فهذا المعنى غير صحيح، فإنَّ قطع الأرزاق وإنْ كان قبيحاً لكنَّه لا يرقى لمستوى قطع الأعناق في القُبح والشناعة كما يرقى لمستوى قطع الأعناق في الحرمة الشرعيَّة، فقطعُ الأعناق أشدُّ حرمةً عند اللهِ تعالى من قطعِ الأرزاق.
وثمة صياغةٌ أخرى للمثَل لعلَّها أضبط وهي: "قطعُ الأرزاق مِن قطع الأعناق" ومفادُ هذه الصياغة هو اعتبار قطع الأرزاق من مصاديق قطعِ الأعناق على سبيل المبالغة، إذ انَّ مآلَ قطعِ الأرزاق عن الناس وحرمانِهم من أقواتِهم ومعائشِهم هو هلاكُهم، فكأنَّ الحكم على الناس بقطع الأرزاق حكمٌ عليهم بإلإعدام وقطع الأعناق.
والحمد لله رب العالمين
الشيخ محمد صنقور