القرآن مجموع في عهد النبيِّ (ص)


المسألة:

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

السؤال: لماذا لا يوجد أمرٌ من الله في القرآن الكريم للرسول (ص) بأن يجمع القرآن؟


الجواب:

جمعُ القرآن المجيد وقع في عهد رسول الله (ص) بأمرٍ من الله تعالى كما هو مؤدَّى الآية من سورة القيامة: ﴿إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآَنَهُ / فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآَنَهُ﴾ فلم تكن آيات الله تعالى مبعثرة، فآياتُ القرآن وسِوَره وإنْ كانت قد نزلت متفرَّقة على امتداد عقدين من الزمن ويزيد إلا أنَّ السورة تارةً تنزل تامَّة، فلا يُضاف عليها شيء ممَّا ينزلُ بعد ذلك، وتارةً تنزل السورة وتنزلُ بعدها آيةٌ أو آياتٌ متعدَّدة فيأمرُ اللهُ تعالى نبيَّه (ص) أنْ يأمر كتَّاب الوحي أنْ يُضيفوا هذه الآية إلى هذه السورة ويُحدِّد لهم موضع الإضافة وأنْ يضيف هذه الآية إلى سورةٍ آخرى وأنْ يُضيف هذه الآيات إلى هذه السورة أو تلك، وهكذا حتى تمَّ جمعُ القرآن في أواخر حياةِ الرسول (ص) بإرشادٍ من الله جلَّ وعلا، فالقرآن كان مجموعاً مكتوباً في عهد رسول الله (ص) ويكفي للدلالة على ذلك -كما أفاد السيد الخوئي- حديثُ الثقلين المتواتر بين الفريقين، وهو قوله (ص): "إني تارك فيكم الثقلين: كتاب اللّه وعترتي" أو "إني مخلِّف فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي" فإنَّ لفظ كتاب لا يُطلق إلا على ما هو مكتوبٌ مجموع بين دفَّتين، فلا يُقال للكلام المحفوظ في الصدور أنَّه كتاب كما لا يُقال للمكتوب المفرَّق والمبعثَر في الصحائف واللخاف والرقاع والعُسب والأكتاف أنَّه كتابٌ واحد، نعم يُقال للصحيفة الواحدة أنَّها كتاب وللصحائف المتفرِّقة أنَّها كُتب، فلو كان ما خلَّفه النبيِّ (ص) هو صحائف ورقاع مبعثرة لقال إنِّي مخلِّف فيكم كتباً ولكنَّه لم يقل ذلك بل قال: "مخلِّف فيكم كتاب الله" وهذا معناه أنَّه كتاب واحدٌ مكتوب مجموع بين دفتين. 

 

والحمد لله ربِّ العالمين

 

الشيخ محمد صنقور 

-----------------------------

1- سورة القيامة / 17-18.