القسم بغير لفظ الجلالة


المسألة:

هل يجوز القسم بغير لفظ الجلالة؟ وما مدرك ذلك؟


الجواب:

لا إشكال في جواز الحلف بغير لفظ الجلالة إذا كان بواحد من أسماء الله تعالى التي يختصُّ بها كالرحمن أو بأوصافه وأفعاله التي يختصُّ بها كمقلِّب القلوب والأبصار وكقول الرجل: (والذي فلق الحبّة وبرأ النسمة)، وكذلك القسم بأوصاف الله وأفعاله التي يغلب إطلاقها عليه تعالى كالربِّ والخالق والرازق.

 

والحلف بكل ذلك يوجبُ انعقاد اليمين إذا توفرت سائر الشروط.

 

وقد ورد عن أبي سعيد الخدري: "كان رسول الله (ص) إذا اجتهد باليمين قال: لا والذي نفس أبي القاسم بيده". وعن الإمام علي (ع): "والذي أصوم وأصلي له".

 

وأما جواز الحلف والقسم يغير ذلك فقد وقع محلاً للخلاف وذلك لورود بعض الروايات الناهية عن ذلك:

 

منها: ما ورد عن الإمام الصادق (ع) عن النبي (ص) في حديث المناهي: "نهى أن يحلف الرجل بغير الله، وقال من حلف بغير الله فليس من الله في شيء".

 

ومنها: صحيح محمد بن مسلم قال: قلتُ لأبي جعفر (ع) قول الله عزَّ وجل: ﴿وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى﴾، ﴿وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى﴾ وما اشبه ذلك فقال (ع): "إنَّ لله عزَّ وجل أن يقسم من خلقه بما يشاء وليس لخلقه أن يقسموا إلا به".

 

وفي مقابل ذلك وردت بعض الروايات الدّالة على جواز الحلف بغيرِ الله تعالى:

 

منها مجموعة من الروايات تضمنت حلف بعض أصحاب الأئمة (ع) بغير الله عزَّ وجل بمسمع من الأئمة (ع) ومع ذلك لم يردع الأئمة (ع) عن ذلك رغم أنَّ الخطاب كان موجهاً لهم، ومن ذلك ما ورد في معتبرة أبي جرير القمي قال: قلتُ لأبي الحسن (ع) جُعلت فداك قد عرفت انقطاعي إلى أبيكَ ثمَّ إليكَ ثمَّ حلفتُ له وحقِ رسول الله (ص) وحقِ فلان وحقِ فلان حتى انتهيت إليه أنه لا يخرج ما تخبرني به إلى أحدٍ من الناس وسألته عن أبيه أحيٌ هو أم ميت؟ قال: قد واللهِ مات إلى قال: قلتُ أنت الإمام قال (ع) نعم ".

 

وكذلك ورد في خبرٍ أنَّ الرضا (ع) أقسمَ بقوله: "وقرابتي" إلا أنَّ الرواية لمَّا كانت ضعيفة السند فإنها لا تكون قابلة لأن يُستدلُ بها، نعم يمكن أن تكون شاهداً على دعوى الجواز.

 

فعمدة الأدلة على جواز الحلف بغير الله عزَّ وجل هو الروايات التي تضمنت الحلف بغيرِ الله تعالى من قبل أصحاب الأئمة (ع) وعدم ردع الأئمة (ع) لهم على ذلك بالإضافة إلى السيرة المتشرعية القاضية بذلك مما يوجب استظهار المرجوحية من النهي عن الحلف بغير الله عزَّ وجل الوارد في بعض الروايات.

 

والحمد لله رب العالمين

 

الشيخ محمد صنقور