قاعدة التجاوز ليست مسألة أصولية


المسألة:

ما مدى صحة كون قاعدة التجاوز من المسائل الأصولية؟

الجواب:

قاعدة التجاوز ليست من الأصولية لأنها ليست مُنطَبقاً لضابطة المسألة الأصولية. فلو كانت ضابطة المسألة الأصولية هي كل قضية تكون نتيجتها بعد ضم الصغرى إليها حكماً فرعياً كلياً لكان من الواضح عدم دخول قاعدة التجاوز في المسائل الأصولية.

إذ أن قاعدة التجاوز لا تُنتج حكماً فرعياً كلياً وإنما تُنتج حكماً جزئياً، فإذا شك المكلف في القراءة مثلاً بعد الركوع فشكه وقع بعد التجاوز لمحل التدارك، فهذه صغرى والكبرى والتي هي قاعدة التجاوز مفادها إنَّ الشك بعد التجاوز لا اعتبار بة فالنتيجة هي صحة صلاة هذا المكلف الذي وقع منه الشك بعد تجاوز المحل، فنتيجة هذه الكبرى بعد ضمِّ الصغرى إليها هي حكم جزئي أعني صحة صلاة هذا الذي وقع منه الشك.

وهذا بخلاف المسألة الأصولية فإن نتيجتها لا تكون إلا حكماً كلياً، مثلاً لو وقع البحث في نجاسة عرق الجنب من الحرام فوقفنا على رواية مفادها نجاسة عرق الجنب من الحرام فإن هذه الرواية تكون صغرى، والكبرى هي حجيَّة خبر الثقة، والنتيجة هي نجاسة عرق الجنب من الحرام، وهذه النتيجة حكم فرعي كلي، وذلك يُعبِّر عن انَّ الكبرى وهي حجيَّة خبر الثقة من المسائل الأصولية لأن نتيجتها بعد ضم الصغرى إليها كانت حكماً كلياً.

ثم ان المسألة الأصولية لا يصح لغير المجتهد تطبيقها على مواردها بخلاف المسألة الفقهية فإن تطبيقها على مواردها إنما هو بيد المكلف وإن لم يكن مجتهداً، ولأن قاعدة التجاوز مما يصح للمكلَّف وإن لم يكن مجتهداً تطبيقها على مواردها فذلك يُعبِّر عن انَّها ليست من المسائل الأصولية، فحينما يشك المكلف في حليِّة لحم الأرنب مثلاً من غير الجائز إجرائه لأصالة الحل حتى لو كان قد فحص عن الدليل الاجتهادي فلم يعثر عليه، وذلك لأن أصالة الحل من المسائل الأصولية.

وهذا بخلاف قاعدة التجاوز فإنَّه بعد ثبوت حجَّيتها لدى الفقيه الذي يرجع المكلف إليه فإنَّ للمكلف تطبيق هذه القاعدة على مواردها دون الحاجة إلى الرجوع للمجتهد، فلو شك في الركوع بعد إتمام السجدتين صحَّ له البناء على الصحة تطبيقاً لقاعدة التجاوز دون الحاجة للرجوع إلى الفقيه.

والحمد لله رب العالمين

 

الشيخ محمد صنقور