إطالة الثياب منافٍ للسنة


المسألة:

هل من المكروه لبس الملابس الطويلة جداً؟، وما هي الروايات التي تتحدث عن هذا الموضوع؟، و هل هناك مقياس للملابس الطويلة فمثلاً هي التي تلامس الأرض من طولها أو التي تخفي الرجلين بل كامل؟

الجواب:

الثابت من السنة الشريفة هو مرجوحيَّة لبس الثيات الطويلة للرجال، فقد ورد في روايات عديدة انَّ المراد من الأمر بالتطهير في قوله تعالى: ﴿وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ﴾ هو طلب التشمير للثياب وتقصيرها.

فمن هذه الروايات: ما رواه الكليني في الكافي بسنده عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (ع) في قوله عز وجل ﴿وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ﴾ قال: "فشمِّر".

ومنها: ما رواه الكليني أيضاً بسنده أبي الحسن موسى بن جعفر(ع) قال: "إن الله تعالى قال لنبيَّه (ص) ﴿وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ﴾ وكانت ثيابه طاهرة وإنما أمره بالتشمير".

ولعلَّ منشأ تفسير الأمر بالتطهير في الآية بالتشمير هو إنَّ التشمير مقتض لبقاء الثوب طاهرة، وذلك بخلاف إطالتها فإنها تكون حينئذ في معرض التلوُّث بقذارات الأرض وأوساخها.

فتفسير التطهير بالتشمير إنما هو بمعنى بيان ما يقتضي بقاء الثوب على الطهارة، ولذلك ورد أن أمير المؤمنين (ع) رأى رجلاً يجرُّ ثوبه فقال: "ياهذا قصِّر منه فإنه أتقى وأبقى وأنقى".

فقوله (ع) "أنقى" تعبير عن أن واحداً من مناشئ الأمر بالتشمير هو التحفُّظ على الثياب عن أن تكون في معرض التلوُّث بقذارات الأرض وأوساخها.

ثم إنَّ الروايات أشارت إلى منشأٍ أخر للأمر بتقصير الثياب وهو انَّ الإطالة للثياب سلوك المتكبِّرين ويبعث على الشعور بالخيلاء.

روى الكليني بسنده عن أبي بصير أبي جعفر (ع) قال: إنَّ النبي (ص) أوصى رجلاً من بني تميم فقال له: "إيَّاك وإسبال الإزار والقميص فإنَّ ذلك من المخيلة والله لا يحب المخيلة".

وروى أيضاً عن أبي حمزة قال: نظر أمير المؤمنين (ع) إلى فتىً مرخٍ إزاره فقال: "يا بني إرفع إزارك فإنه أبقى لثوبك وأتقى لقلبك".

فالمستظهر من الرواية أنَّ إرخاء الثوب لمَّا كان مبعثاً على الخيلاء كان تقصيره أتقى للقلب، لأنه ينفي عنه واحداً من مقتضيات الخيلاء الذي هو منافٍ للتقوى.

وروى الشيخ الطوسي في مجالسه بسنده عن أبي ذر قال: قال رسول الله (ص): "يا أبا ذر من جرَّ ثوبه لم ينظر الله عزوجل إليه يوم القيامة".

وروى ابن إدريس في مستطرفات السرائر عن الأصبغ قال: سمعت علياً (ع) يقول: :ستة من أخلاق قوم لوط: الجلاهق وهو البندق، والخذف، ومضغ العلك وإرخاء الإزار خيلاء والصفير وحلُّ الإزار".

وثمة منشأ ثالث للنهي عن إطالة الثياب -أفادته بعض الروايات الواردة عن أهل البيت(ع)- وهو التشبُّه بالنساء، روى الكليني بسنده عن سماعة بن مهران عن أبي عبد الله (ع) في الرجل يجرُّ ثوبه قال (ع): "إني لأكره أنْ يتشبَّه بالنساء". وإما الحد الذي ينبغي أن تكون عليه ثوب الرجل من جهة الطول فأقلُّه ان لا يُصيب ذيلها الأرض، وأفضل من ذلك أنْ لا يتجاوز بذيلها الكعبين.

ورد عن أبي عبد الله (ع) إنه قال: ".. والله عزَّ وجل يقول: ﴿وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ﴾ قال: وثيابك فارفعها ولاتجرها فإذا قام قائمنا كان هذا اللباس" فإن النهي عن جرِّها يتحقق برفعها عن مستوى الأرض.

وأما أنَّ الأفضل من ذلك هو إن لا يتجاوز ذيل الثوب الكعبين فلأنه المنصوص عليه في بعض الروايات.

منها: ما رواه في دعائم الإسلام عن أبي جعفر (ع) قال: "لا يجاوز ثوبك كعبيك فإن الإسبال من عمل بني امية".

والحمد لله رب العالمين

 

الشيخ محمد صنقور