شرب الماء عن قيام


المسألة:

هل يكره شرب الماء من قيام؟

الجواب:

ورد في عدةٍ من الروايات عن أهل البيت (عليهم السلام) ما ظاهره مرجوحيَّة الشرب للماء عن قيام ليلاً ورجحانه عن قيامٍ نهاراً.

فمن هذه الروايات ما رواه الكليني بسندٍ عن أبي عبد الله (ع) قال: "شرب الماء من قيام بالنهار يُمريء الطعام، وشرب الماء بالليل من قيام يُورث الماء الأصفر".

ومنها: ما رواه الكليني أيضاً بسنده عن أبي عبد الله (ع) قال: "شرب الماء من قيامٍ بالنهار أقوى وأصحُّ للبدن".

ومنها: ما رواه الصدوق قال: قال الصادق (ع): "شرب الماء من قيام بالنهار أدرُّ للعرق وأقوى للبدن".

وفي مقابل هذه الروايات المقتضية للتفصيل بين الليل والنهار وردت عدةٌ من الروايات مفادها مرجوحيَّة الشرب للماء عن قيام مطلقاً في الليل والنهار.

منها: ما رواه الشيخ الطوسي بسنده عن أبي عبد الله (ع) قال: قال رسول (ص): "لا يشرب الرجل وهو قائم".

ومنها: ما رواه البرقي بسنده عن أبي عبد الله (ع) قال: قال أمير المؤمنين (ع): "لا تشربوا الماء قائماً".

وقد أفاد الشيخ الصدوق وغيره من العلماء انَّ النهي عن شرب الماء قائماً مقيَّد بكون الشرب ليلاً, وذلك هو مقتضى الجمع بين هذه الروايات والروايات المفصِّلة بين الشرب ليلاً والشرب نهاراً.

وعلى هذا الجمع تُحمل الروايات التي يظهر منها بدواً رجحان الشرب للماء عن قيام مطلقاً، فهي محموله على الشرب للماء نهاراً.

وثمة روايات عديدة مفادها إباحة شرب الماء على كل حال قياماً أو قعوداً.

منها: ما رواه الكليني بسنده عن عبد الرحمن بن الحجاج قال: كنتُ عند أبي عبد الله (ع) إذ دخل عليه عبد الملك القمي فقال له: أشربُ الماء وأنا قائم؟، فقال (ع): "إنْ شئت"، قال: اشرب الماء بنفس واحد حتى أروى، فقال (ع): "إنْ شئت .." ثم قال أبو عبد الله (ع): "أما والله ما من هذا وشبهه أخاف عليكم". ومنها: ما رواه الصدوق بسنده عن علي بن يقطين عن أبي الحسن موسى بن جعفر (ع): في الرجل يشرب الماء وهو قائم فقال (ع): "لا بأس بذلك".

فمثل هذه الروايات غير منافية لما ورد من التفصيل بين الليل والنهار، إذ انَّ مفادها هو الإباحة للشرب على أي حال والروايات المفصِّلة لا تقتضي الحرمة حتى تكون منافية لهذه الروايات وإنما تقتضي رجحان الشرب عن قيام في النهار ورجحان الشرب عن جلوسٍ في الليل والرجحان لا ينافي الإباحة.

نعم في الروايات المقتضية للإباحة مطلقاً إشعار بمركوزيَّة كراهة الشرب عن قيامٍ مطلقاً فذلك هو ما يُفسِّر كثرة السؤال عن شرب الماء عن قيام إلا أنَّ التفصيل الوارد في عدةٍ من الروايات يقتضي المنع عن صحة هذه المركوزيَّة.

والحمد لله رب العالمين

 

الشيخ محمد صنقور