تحويل القبلة إلى جهة الكعبة
المسألة:
عندما يسرد العلماء قصة مسجد القبلتين وتحويل القبلة فيه، فإنهم يقولون بأن النبي (ص) كان يصلّي جماعة بالمسلمين في هذا المسجد عندما أتاه جبرئيل (ع) ومسك يده وحوله من المسجد الأقصى إلى جهة المسجد الحرام.
فما مدى صحة تحويل القبلة أثناء الصلاة؟، وإن صح ذلك، فمن المعلوم أن الزاوية بين بيت المقدس والكعبة في ذلك المكان تقارب 180 درجة، أي أنه في الجماعة إذا استدار الجميع 180 درجة بدون أن يمشي أحد، سوف يصبح الإمام واقفاً في الخلف والمأمومون أمامه. فكيف تم ذلك؟
الجواب:
روى الشيخ الصدوق في الفقيه انه لمّا صلّى النبي (ص) من الظهر ركعتين جاءه جبرئيل فقال: ﴿قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاء فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا﴾ ثم أخذ بيد النبي (ص) فحوَّل وجهه إلى جهة الكعبة وحوَّل مَن خلفه وجوههم حتى قام الرجال مقام النساء والنساء مقام الرجال، فكان أول صلاته إلى بيت المقدس وآخرها إلى الكعبة.
ومفاد الرواية انه بعد تحويل جبرئيل (ع) وجهة النبي (ص) إلى جهة الكعبة تحوَّل مَن خلفه فتراجعت النساء فأصبحت في مكان الرجال وأصبح الرجال في مكان النساء، وهذا معناه انَّ النبي (ص) ومن كان خلفه من الرجال استدبروا ما كانوا مستقبلينه وهو يستلزم المشي أثناء الصلاة كما ذكرتم إلا ان ذلك لا يضر بصحة الصلاة بشرط أن لا يأتوا بالأذكار والقراءة أثناء المشي لغرض التوجه إلى القبلة الجديدة.
فالرجال استقبلوا الكعبة ومعنى ذلك انهم بعد ان استقبلوها تحركوا إلى الأمام والنساء بعد ان استقبلن الكعبة واستقبلها الرجال أصبحت ظهورهم في وجه الرجال فتراجعن إلى خلف الرجال، فالرجال تحركوا إلى الأمام والنساء تحركن إلى الخلف، ومعنى ذلك ان النبي (ص) سار إلى الخلف حتى صار ظهره إلى ظهور النساء قبل ان يستقبلن الكعبة فلما توجهن إلى الكعبة صارت وجوههن إلى ظهر النبي (ص) ثم تراجعن إلى خلف الرجال وتقدَّم الرجال أمامهن، فهذا هو المستظهر من الرواية الشرعية.
والحمد لله رب العالمين
الشيخ محمد صنقور