المصلحة السلوكية والأثر التكويني


المسألة:

هل القول بالمصلحة السلوكية يعني القول بعدم وجود الأثر التكويني لأكل الحرام شبهة مثلا اعتماداً على الأمارة بعد سلوك سبيلها؟


الجواب:

القول بحجية الإمارات من باب المصلحة السلوكية لا يستلزم البناء على انتفاء الأثر التكويني لفعل الحرام لو كان له أثر تكويني واقعاً.

 

وذلك لأنَّ المراد من مبنى المصلحة السلوكية هو أنَّ سلوك مفاد الإمارة -والعمل على وفق ما تقتضيه- مشتمل على مصلحة يُتدارك بها ما يفوت من مصلحة الحكم الواقعي عند اتفاق مخالفة مفاد الإمارة للحكم الواقعي ومعنى ذلك هو أن الواقع المجهول لدى المكلف يظلُّ منحفظاً في ظرف سلوك مفاد الإمارة.

 

ففي فرض قيام الأمارة على جواز ترك المبيت بمنى ليلة الحادي عشر اختياراً والإستعاضة عنه بذبح شاة وكان الواقع هو تعيُّن المبيت على المكلَّف فإنَّ هذا المكلف لو ترك المبيت وذبح شاةً استناداً إلى ما قامت عليه الإمارة فإنَّ سلوكه لمؤدى هذه الإمارة يُحدِث مصلحةً يُتدارك بها ما فاته من مصلحة الواقع وهذا لا يعني انتفاء مصلحة الواقع عن المبيت بحيث يُصبح المبيت فاقداً للمصلحة المقتصية لإيجابه بل إن هذه المصلحة تظلُّ على حالها وقد فاتته، غايته أن سلوكه للإمارة أوجب حدوث مصلحةٍ في مؤداها وهذه المصلحة مساوقة لمقدار ما فاته من مصلحة الواقع.

 

وهكذا الحال بالنسبة لمفروض السؤال فلو أنَّ ملاك تحريم الميتة هو ما يترتب على أكلها من أثرٍ تكويني شيىء فإنَّه لو قامت الإمارة على حليِّة هذا اللحم فتناوله المكلفُ استناداً لهذا الأمارة وكان في الواقع ميته محرمة فإنَّ سلوكه للأمارة أحدث مصلحةً في مؤداها يُستعاض بهذه المصلحة عن المفسدة الواقعية المتعلقة بتناول الميتة، فالمفسدة لا تنتفي بسلوك الإمارة بل إنَّ ما يُنتجه سلوك الأمارة هو حدورث مصلحة يُتدارك بها المفسدة التي وقع فيها.

 

والمتحصل إنَّ مبنى المصلحة السلوكية وإن كان فاسداً إلا أنَّه لا يترتب عليه المحذور المذكور.

 

والحمد لله رب العالمين

 

الشيخ محمد صنقور