التسعيني أسير الله في أرضه
المسألة:
ورد في بعض الروايات أنّ من جاوز السبعين حيّاً فهو "أسير الله في الأرض"، فماذا يعني ذلك يا شيخ؟
الجواب:
الوراد في الروايات عن أهل البيت (ع) أنَّ من بلغ التسعين وليس السبعين فإنَّه يكون أسير الله في أرضه.
فمن هذه الروايات ما رواه الكليني بسنده عن علي بن المغيرة، عن أبي عبد الله (ع) قال: سمعته يقول: إذا بلغ المؤمن أربعين سنة آمنه الله من الأدواء الثلاثة: البرص والجذام والجنون، فإذا بلغ الخمسين خفَّف الله عز وجل حسابه، فإذا بلغ ستين سنة رزقه الله الإنابة، فإذا بلغ السبعين أحبَّه أهل السماء، فإذا بلغ الثمانين أمر الله عز وجل باثبات حسناته وإلقاء سيئاته، فإذا بلغ التسعين غفر الله تبارك وتعالى له ما تقدم من ذنبه وما تأخر وكُتب أسير الله في أرضه"، وفي رواية أخرى: فإذا بلغ المائة فذلك أرذل العمر(1).
وأما ما هو المراد من أن مَن بلغ التسعين فهو أسير الله في أرضه فلعلَّه تعبيرٌ عن أنَّ الله عز وجل يتولاه بالمزيد من رعايته وعنايته. فيسخِّر له من عباده مَن يلي أمره ويقضي حوائجه.
فالأسير يكون في عهدةِ من هو أسيرٌ عنده فهو المعنيُّ برعايته وحياطته، فإذا كان التسعيني أسير الله فمعنى ذلك أن الله تعالى هو المتعهِّد بتولِّي شئونه، ومقتضى ذلك أن يحظى التسعينيُّ من المؤمنين بالمزيد من لطف الله وعطفه.
ولعل الغرض من اعتباره أسير الله في أرضه هو التنبيه على واقع ما يؤول إليه حال مَن بلغ التسعين من الضعف المستوجب للمزيد من الرعاية والمداراة، فكما أنَّ الأسير حبيسٌ لا يقوى على تولّي شئونه بنفسه وهو ما يُحتِّم على مَن أسره الرعاية لشئونه فكذلك هو التسعيني حبيسُ ضعفه وحيث أنَّ أسره منتسب لله تعالى فذلك يقتضي لزوم أن يقوم عبيدالله بشئونه فإنَّه أسيرُ مولاهم وربِّهم، فكما أنَّ مَن يباشر الرعاية لأُسراء السلطان هم خدَمُه وعماله فكذلك أُسراء الله تعالى تكون رعايتهم في عهدة عباده المؤمنين.
فاعتبار التسعيني أسير الله في أرضه كان لغرض حثِّ المؤمنين على رعايته والقيام بشئونه.
والحمد لله رب العالمين
الشيخ محمد صنقور
1- الكافي -الشيخ الكليني- ج 8 ص 108.