السمك المشكوك في فلسية ما عليه
المسألة:
قال بعض العلماء أنه بناء على فهمنا من النصوص أن الأصل في سمك البحر هو الحل إلا ما خرج بدليل، أنه لابد من القول بحيلة السمك الذي نشك في فلسية ما عليه، ثم قال وليس هذا من التمسك بالعام في الشبهة المصداقية، لأن سبب الشك في المورد هو عدم وضوح مفهوم الفلس فالشبهة مفهومية؟ أقول ألا يمكن أن نتصور أن تكون الشبهة مصداقية بأن يكون سبب الشك في المورد هو العوارض الخارجية لا غموض المفهوم؟
الجواب:
إذا كان الشك في فلسَّية ما على السمك ناشئاً من عدم وضوح معنى الفَلْس فالشبهة مفهومية سواءً كان عدم الوضوح مقتضياً للشك في حدود دائرة ما يصدق عليه أنه فلس من حيث السعة والضيق أو كان عدم الوضوح بمعنى دوران مفهوم الفلس بين معنيين متباينين، نعم من المستبعد أن يكون الاجمال في معنى الفلس بنحو الدوران بين متباينين، إذ لا ريب أن للفلس قدراً متيقناً، ومقتضى ذلك أن الاجمال المدعى لمفهوم الفلس هو المقتضي للدروان بين الأقل والأكثر "بين السعة والضيق.
وكيف كان فالشبهة مفهومية وليست مصداقية ولا تكون مصداقية إلا إذا كان مفهوم الفلس واضح المعالم من حيث السعة والضيق وكان الشك ناشئاً مثلاً من عدم رؤية الفلس على السمك واحتمال تساقطه عنه. أو كان ناشئاً عن غير ذلك مما لا يرجع إلى الشك في معنى الفلس.
وعليه فإذا كان البناء هو حليَّة كلِّ سمك البحر إلا أن يكون من غير ذوات الفلس ووقع الشك في فلسيَّة ما على هذا الصنف من السمك أو ذاك فلا مانع من التمسُّك بعموم ما دلَّ على حليَّة كلِّ سمك البحر إذ أنه غير قاصرٍ عن الشمول لهذا الصنف من السمك، فهو سمك ولم يثبت أنه من غير ذوات الفلس.
فإجمال مفهوم الفلس لا يقتضي إجمال ما هو داخل تحت العموم، وأما المخصِّص وهو ما يقتضي حرمة السمك من غير ذوات الفلس فهو وإن كان مجملاً لاحتمال دخول المشكوك في فلسيَّة ما عليه تحته إلا أن هذا الإجمال لا يسري إلى العام المنفصل بعد أن انعقد له ظهور في الشمول للسمك المشكوك في فلسيَّةِ ما عليه.
نعم لو كان موضوع الحلية من أول الأمر هو السمك من ذوات الفلس فإنَّ إجمال الفلس حتى لو كان بنحو الشبهة المفهومية يمنع من امكان التمسُّك بدليل الحلية لاثبات حلية السمك المشكوك في فلسية ما عليه، وذلك لأنَّ ما ثبتت له الحلية هو السمك المُحرَز أنه من ذوات الفلس، والبحث في محلِّه.
والحمد لله رب العالمين
الشيخ محمد صنقور