العدول عن مبنىً رجالي مع عدم تغيير الفتوى


المسألة:

هناك فتاوى للسيد الخوئي (قدس سره) مبنية على كبرى وثاقة كل من ورد في أسناد تفسير علي ابن إبراهيم، ثم رجع (قدس سره) عن هذا القول، ومن باب المثال أذكر فتواه بشرطية استبراء الجدي الذي رضع من لبن خنزيرة لحلية أكله، فهذه الفتوى بسحب ما رأيت مبنية على رواية السكوني عن النوفلي الذي يتوقف توثيقه على الكبرى الآنفة الذكر، فإذا التفت المكلف إلى هذه المسألة فهل يجوز له أن يعمل بمقتضى المبنى ويترك العمل بالفتوى؟

الجواب:

إن الذي عدل عنه السيد الخوئي (رحمه الله تعالى) هو البناء على وثاقة جميع الرجال الواقعين في اسناد كامل الزيارات للشيخ جعفر بن قولويه، فهو قد عدل عن ذلك وبنى على وثاقة خصوص من يروي عنهم الشيخ ابن قولوية مباشرة، وأما مبناه في وثاقة جميع مَن ورد في اسناد تفسير علي بن إبراهيم القمي فلم نقف على ما يُثبت عدوله عنه.

وكيف كان فلو عدل الفقيه عن مبنىً رجاليٍّ أو أصولي وكان ذلك مؤثِّراً في نتيجة فتوىً افتى بها ولم يتسنَّ له تكييفها بما يُناسب المبنى الذي عدل إليه فإنَّ ذلك لا يصحِّح للمكلَّف العامي العمل على وفق المبنى الذي عدل إليه مرجعه لاحتمال أنَّ ثمة عناصر أخرى دخلية في الخلوص إلى النتيجة الشرعية لا يسع المكلَّف العامي التفطُّن لها أو الاجتهاد فيها ولو وسعه ذلك فإنَّه لا يكون حين عمله بمقتضى المبنى الجديد لمرجعه مقلِّداً له لاحتمال أنَّ هذه العناصر الدخيلة مقتضية بنظر مرجعه غيرَ ما أدى إليه رأي هذا المكلف العامي، وحيث أن رأي العامي لا حجيَّة له حتى على نفسه. لذلك يكون عمله فاقداً للمؤمِّنَ الشرعي.

وبتعبير آخر: العمل بمقتضى المبنى الجديد لمرجعه ليس تقليداً لمَن فتواه حجة في حقِّه -كما اتضح- والعمل بمقتضى رأيه لا معذريَّة له فحينئذٍ إما أن يعمل بمقتضى الاحتياط أو يرجع إلى فتوى الأعلم من الأحياء.

وذلك لأنه في واقع الأمر جاهل بفتوى مَن فتواه حجة في حقه ولا يسعه التعرُّف على فتواه بحسب الفرض فيكون مساق هذه المسألة هو مساق المسائل التي لم يُفتِ فيها الفقيه الذي يرجع إليه.

والحمد لله رب العالمين

 

الشيخ محمد صنقور