كراهة لبس السواد؟


المسألة:

هل يكره لبس اللباس الأسود؟ وهل يكره لبسه في الصلاة؟


الجواب:

وردت رواياتٌ عديدة يظهر منها مرجوحيَّة لبس السواد، وقد أفتى عدد من الفقهاء استناداً لها بكراهة لبس السواد في الصلاة بل مطلقاً.

 

فمن هذه الروايات ما رواه الكليني عن أبي عبدالله (ع) قال: "يكره السواد إلا في ثلاثة: الخف، والعمامة، والكساء"(1).

 

ومنها: ما رواه الكليني أيضاً قال "كان رسول الله (ص) يكره السواد إلا في ثلاث: الخُف، والعمامة، والكساء(2).

 

ومنها: ما رواه الصدوق عن أمير المؤمنين (ع) أنه قال: "لا تلبسوا السواد فإنَّه لباس فرعون"(3).

 

إلا أنَّه ونظراً لضعف أسناد هذه الروايات وكذلك التي لم نذكرها لا يمكن الحكم بكراهة لبس السواد في الصلاة وغيرها، نعم يمكن البناء على كراهة لبس السواد لا بعنوانه وإنما لكونه من الألوان القاتمة، فقد ورد في معتبرة حماد عثمان عن أبي عبدالله (ع) قال: "تُكره الصلاة في الثوب المصبوغ المشبَّع المُفدم"(4).

 

فبناءً على أنَّ المراد من "المفدم" هو الشديد اللون كما أفاد بعض اللغويين فإنَّ لبس السواد يكون مكروهاً لأنَّه من الألوان الشديدة إلا أنه لم يثبت أنَّ المراد من "المفدم" هو الشديد اللون مطلقاً فإنَّ الكثير من اللغويين فسَّر الكلمة بالشدة في الإحمرار، فالثوب المفدم هو المشبَّع بالحمرة.

 

وعليه فلا دليل يُعتدُّ به على كراهة لبس السواد حال الصلاة فضلاً عن الأحوال الأخرى وإن كان الأولى ترك لبسه خصوصاً في حال الصلاة.

 

وعلى فرض التسليم بكراهة لبس السواد فإنَّ ذلك لا يشمل اللبس له حداداً على سيد الشهداء (ع) وذلك لما ثبت من استحباب اظهار الحزن والحداد على الحسين الشهيد (ع) وحيث إنَّ لبس السواد من أبرز مصاديق إظهار الحداد والحزن لذلك فالأقرب هو عدم شمول ما رُوي في كراهة لبس السواد لهذا المورد وإلا كان المناسب تقييد ما ورد عن أهل البيت (ع) من الأمر بإظهار الحداد بغير لبس السواد نظراً لكون لبس السواد حداداً هو أبرز مظاهر الحداد.

 

على أنَّ روايات الكراهة نظراً لضعف أسنادها لا تكون صالحة للتقييد لذلك فلبسُ السواد حداداً على سيد الشهداء (ع) يظلُّ مشمولاً لاطلاق ما دلَّ على استحباب إظهار الحزن على الحسين الشهيد (ع).

 

والحمد لله رب العالمين

 

الشيخ محمد صنقور

 

1- وسائل الشيعة (آل البيت) -الحر العاملي- ج 4 ص 382.

2- وسائل الشيعة (آل البيت) -الحر العاملي- ج 4 ص 383.

3- من لا يحضره الفقيه -الشيخ الصدوق- ج 1 ص 251.

4- وسائل الشيعة (آل البيت) -الحر العاملي- ج 4 ص 460.