هل ترث الزَّوجة من العقار


المسألة:

لماذا لا تَرِثُ النِّساء عند الشِّيعةِ عقارًا؟ وما هو الدَّليل الشَّرعي في هذا الحُكم؟

الجواب:

ليس ثمة أحد من فقهاء الشيعة يُفتي بعدم توريث النساء من العقار، فالبنت والأخت والجدة والعمة والخالة يرثن من العقار كما يرثن من سائر التركة وكذلك مطلق الإناث يرثن مما تركه الميت من عقار وغيره إذا كانت بينهُنَّ وبينه قرابة ولم يمنع من توريثهنَّ مانع ولم يحجبهنَّ من التوريث مَن هو أدنى قرابة للميت منهن كما هو الشأن في توريث الأقرباء الذكور.

نعم ما يُفتي به مشهور الفقهاء هو عدم توريث الزوجة من العقار الذي يتركه زوجها هذا إن لم يكن بينها وبين زوجها الميت قرابة وإلا صحَّ توريثها من العقار لقربتها إذا لم يحجبها مَن هو أدنى منها قرابة.

والمقصود من العقار الذي لا ترثه الزوجة هو خصوص الأرض، وأما الأبنية والزروع وسائر ما هو ثابت في الأرض فهي مما تستحق الزوجة أن ترث من قيمته بمقدار نصيبها المقرَّر في الشريعة، وهو الثمن إنْ كان لزوجها ولد والربع إن لم يكن له ولد.

والدليل الذي يستند إليه الفقهاء في الإفتاء بعدم توريث الزوجة من العقار هو الروايات الواردة عن أهل البيت (ع).

منها: صحيح الفضلاء عن الإمامين الباقر والصادق (ع) "إنَّ المرأة لاترث من تركة زوجها من تربة دار أو أرض إلا أن يُقوَّم الطوب والخشب قيمةً فتعطى ربعها أو ثمنها.

ومنها: خبر موسى بن بكر الواسطي: قلت لزرارة ان بكيرًا حدثني عن أبي جعفر (ع) "أن النساء لا ترث امرأة مما ترك زوجها من تربة دار ولا أرض إلا أن يُقوَّم البناء والجذوع والخشب فتُعطى نصيبها من قيمة البناء، فأما التربة فلا تعطى شيئًا من الأرض ولا تربة دار، قال زرارة: هذا لا شك فيه".

أما ما هي العلَّة من عدم توريث الزوجة من العقار فذلك أمر لا سبيل إلى معرفته إلا بواسطة النص عليه من قبل المشرِّع جلَّ وعلا، وليس للمكلف إلا التَّعبُّد بتشريع الله جلَّ وعلا والتسليم بصوابيته ومطابقته لمقتضى المصلحة، فبعد أن آمن المكلَّف بحكمة الله المطلقة وبأنه عدل لا يجور فإن عليه الإذعان والأمتثال لأحكامه وتشريعاته حتى وإن لم يكن مدركًا لملاكاتها وعللها فإن ذلك هو ما تقتضيه العبودية لله جلَّ وعلا.

والحمد لله رب العالمين

 

الشيخ محمد صنقور