الجاهل القاصر والجاهل المقصِّر


المسألة:

ما الفرق بين الجاهل القاصر والجاهل المقصر؟

وهل كلاهما مشمول بقاعدة (لا تعاد)؟

وهل تشمل الناسي؟

أرجو التوضيح بضرب الأمثلة؟

الجواب:

المراد من الجاهل القاصر هو المعتقد بخلاف الحكم الواقعي بنحوٍ يصرفه هذا الاعتقاد عن السعي للبحث عن الحكم الواقعي، وكذلك يكون المكلَّف جاهلاً قاصرًا عندما لا يكون عالمًا بالحكم الواقعي فيبحث عنه فلا يصل بعد البحث إلى القطع بالحكم الواقعي ولكنّه يقف على حجّة شرعيّة منجِّزة للحكم الشرعي الواقعي أو معذِّرة عنه فيعتمدها في مقام العمل والامتثال رغم مخالفتها للواقع.

ومثال الفرض الأوَّل هو المكلَّف الذي يعتقد جازمًا صحّة قراءته والواقع أنَّ قراءته ملحونة فهو لا يسعى لتصحيحها لاعتقاده بصحتها.

ومثال الفرض الثاني هو المكلّف الذي لا يعلم بأنَّ الواجب في الركعة الثالثة هل هو تسبيحة واحدة أو ثلاث تسبيحات وبعد البحث لم يصل إلى ما هو الواجب واقعًا ولكنَّه وجد رواية معتبرة مفادها كفاية التسبيحة الواحدة فاعتمدها في مقام العمل والامتثال والحال أنَّ الواقع هو خلاف ذلك وأنَّ الواجب بحسب الفرض هو التسبيحات الثلاث فهذا المكلّف يكون جاهلاً قاصرًا وتكون الرواية المعتبرة التي وقف عليها حجّة شرعية معذِرة له، هذا لو كان مجتهدًا، وأمّا لو كان مقلدًا فرجع إلى مجتهد واجد للشرائط وكان هذا المجتهد يُفتي بوجوب التسبيحة الواحدة وكان الواقع خلاف ذلك بحسب الفرض فإنَّ فتوى المجتهد الواجد للشرائط تكون حجّة شرعية في حقِّه وتكون معذِرة له.

والمراد من الجاهل المقصِّر هو الملتفت إلى جهله وعدم معرفته بالحكم الواقعي ورغم ذلك لا يسعى لتحصيل العلم أو الحجَّة الشرعية، ومثاله من كان متردِّدًا في وجوب السورة للصلاة المفروضة ورغم ذلك لم يسعَ لتحصيل العلم بالوجوب أو عدمه أو تحصيل الحجّة الشرعية على الوجوب أو عدمه.

وأمَّا قاعدة (لا تعاد) فالقدر المتيقَّن هو جريانها في حقِّ الناسي وكذلك هي تجري في مورد الجهل القصوري وأمَّا في مورد الجهل عن تقصير فالقاعدة لا تجري.

والحمد لله رب العالمين

 

الشيخ محمد صنقور