حكم أكل الأرنب


المسألة:

ما هو حكم أكل لحم الأرنب؟

وهل صحيح أن منشأ حرمته أنَّه يحيض؟

فإذا كان كذلك فالبقر أيضًا يحيض إلا أنه حلال؟


الجواب:

حكم أكل لحم الأرنب هو الحرمة وأمَّا منشأ جعل الحرمة فعلمه عند الله تعالى، فالكثير من الأحكام الشرعيَّة لا نعلم بملاكها ومنشأ جعلها، إلا أنَّ الذي نعلمه أنَّ الله تعالى لا يجعل الحرمة على شيء إلا لمفسدة شديدة اقتضت ذلك، كما أنَّه تعالى لا يجعل الوجوب على شيء إلا لمصلحة شديدة اقتضت ذلك، فأحكام الله تعالى تابعة للمصالح والمفاسد إلا أنَّ عقل الإنسان قاصر عن إدراك جميع أوجه المصالح والمفاسد فهو وإن كان قد يدرك بعض أوجه المصالح والمفاسد إلا أنَّه تخفى عليه أوجه أخرى، ولأننا آمناَّ بالله عزَّ وجلَّ وبحكمته المطلقة وبعلمه المطلق بواقع خلقه لذلك فنحن نسلِّم بشريعته وأحكامه.

 

وأمَّا دليل الحرمة فالروايات الكثيرة التي دلَّت على أنَّ الأرنب من المسوخ، والمراد من المسوخ هو مجموعة من الحيوانات مسخ الله عزَّ وجلَّ بعض العصاة من النَّاس على صورتها في غابر الزمان مثل القرد والخنزير والفيل والخفَّاش والدُّب والقنفذ والعقرب وهكذا الأرنب.

 

فقد ذكرت الروايات أنَّ الله عزَّ وجلَّ عاقب بعض العصاة من النَّاس فمسخهم على صورة هذه الحيوانات ثمَّ أماتهم، وقد ذكر القرآن الكريم أنَّ بعض بني إسرائيل لمَّا خالفوا الأمر الإلهي مسخهم قردة، قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَواْ مِنكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِينَ / فَجَعَلْنَاهَا نَكَالاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا خَلْفَهَا وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ﴾(1)، وإذا اتَّّّضح معنى المسوخ نقول أنَّ الروايات الواردة عن أهل البيت (ع) أفادت أنَّ كلَّ حيوان مُسخ بعض العصاة على صورته عقوبةً على معصيته وموعظةً للنَّاس فذلك الحيوان محرَّم الأكل.

 

ولمَّا كان الأرنب من هذه الحيوانات لذلك فهو مشمول لهذا الحكم، وأمَّا دعوى أنَّ منشأ تحريمه أنَّه يحيض فليس صحيحًا ولم تذكر الروايات ذلك، نعم الوارد في الروايات "أنَّ امرأة كانت تخون زوجها ولا تغتسل من حيضها فمسخها الله على صورة أرنب".

 

وأمَّا دعوى أنَّ الأبقار تحيض فلم يثبت ذلك، على أنَّ الحيض ليس منشأً للحرمة كما اتَّضح ذلك.

 

والحمد لله رب العالمين 

 

الشيخ محمد صنقور

 

1- سورة البقرة / 65-66.