كراهة صوم الاثنين
المسألة:
ورد عند أهل السُنة استحباب صيام يوم الاثنين هل ورد ذلك في فقه أهل البيت (ع)؟
الجواب:
ليس ليوم الاثنين خصوصية عندنا نحن الإمامية فاستحباب الصوم فيه كاستحباب الصوم في سائر الأيام.
ويمكن استفادة ذلك من مثل ما أورده الشيخ الصدوق عن الإمام زين العابدين (ع) قال: "صوم يوم الاثنين من الصوم الذي صاحبه بالخيار إن شاء صام وان شاء أفطر" وكذلك ورد مثله في الفقه الرضوي.
نعم ورد عن الإمام الصادق (ع) انَّ النبي (ص) صام الاثنين والخميس ثم تحول عن ذلك إلى صيام ثلاثة أيام في الشهر.
قال (ع): "كان رسول الله (ص) يصوم حتى يُقال لا يفطر، ويفطر حتى يقال لا يصوم ثم صام يومًا وأفطر يومًا ثم صام الاثنين والخميس ثم آل من ذلك إلى صيام ثلاثة أيام في الشهر الخميس في أول الشهر وأربعاء في وسط الشهر وخميس في آخر الشهر وكان (ص) يقول ذلك صوم الدهر".
ثم أفاد الإمام الصادق (ع): وكان أبي يقول: "ما من أحدٍ أبغض إلى الله عزَّ وجل من رجلٍ يُقال له كان رسول الله (ص) يفعل كذا وكذا فيقول لا يعذبني الله على ان اجتهد في الصلاة والصوم، كأنه يرى انَّ رسول الله (ص) ترك شيئًا من الفضل عجزًا عنه".
والمستظهر من هذه الرواية وروايات أخرى كثيرة انَّ الصيام الذي كان يُداوم عليه رسول الله (ص) حتى قُبض هو ثلاثة أيام من كلِّ شهر خميسان بينهما أربعاء وأما صيام ما عدا ذلك فلم يكن بنحو المداومة.
ثم انَّه وردت عندنا روايات مفادها كراهة صوم يوم الاثنين لغرض التبرُّك بزعم انَّه اليوم الذي وُلد فيه رسول الله (ص) والصحيح انَّه ولد يوم الجمعة وقُبض يوم الاثنين.
فمن ذلك ما رواه الصدوق في الخصال عن عقبة بني بشر الازدي قال: (جئت إلى أبي جعفر (ع) يوم الاثنين فقال: "كُل، فقلتٌ اني صائم قال (ع): وكيف صمت؟ قال: قلت لأنَّ رسول الله (ص) وُلد فيه فقال (ع): أما ما ولد فيه فلا يعلمون، وأما ما قبض فيه فنعم ثم قال (ع): فلا تصم ولا تسافر فيه").
والظاهر انَّ النهي هنا هو عن الصوم والسفر يوم الاثنين بقصد التبرُّك لكونه يوم مولد الرسول (ص) كما عليه العامة.
وروى الشيخ الصدوق بسنده عن أبي أيوب الخزاز انَّه قال: (أردنا ان نخرج فجئنا نسلِّم على أبي عبدالله (ع) فقال: "كأنكم طلبتم بركة الاثنين قلنا: نعم قال (ع): فأيُّ يوم أعظم شؤمًا من يوم الاثنين، فقدنا فيه نبيَّنا (ص) وارتفع الوحي عنا، لا تخرجوا يوم الاثنين واخرجوا يوم الثلاثاء").
فالرواية بصدد تصحيح وهمٍ كان عليه الناس لِما ورد من طرق العامة انَّ يوم الاثنين يوم بركة، لأنَّه ولد فيه الرسول (ص).
وروى الشيخ الصدوق بسنده عن علي بن جعفر قال: "جاء رجل إلى أخي موسى بن جعفر، فقال: انِّي أريد الخروج فادعُ لي قال (ع): ومتى تخرج؟ قال: يوم الاثنين فقال له: ولِمَ تخرج يوم الاثنين: قال: أطلب فيه البركة، لأنَّ رسول الله (ص) وُلد يوم الاثنين قال (ع): كذبوا وُلد رسول الله (ص) يوم الجمعة، وما من يومٍ أعظم شؤمًا من يوم الاثنين يوم مات فيه رسول الله (ص) وانقطع فيه وحي السماء ..".
والروايات في ذلك عديدة، والمتحصل منها هو مرجوحيَّة الصوم والسفر يوم الاثنين اذا كان ذلك بقصد التبرُّك بيوم الاثنين نظرًا لكونه يوم ميلاد الرسول الكريم (ص)، وأما صومه لا بقصد الخصوصيَّة بل لكون الصوم مستحبًا في سائر أيام السنة فلا مرجوحيَّة فيه إلا انَّه لا خصوصيَّة فيه ولا يحسن المداومة عليه بل ينبغي التفريق.
نعم ورد استحباب صوم يوم الاثنين من شهر شعبان عن النبي (ص) قال: "ومن صام يوم الاثنين والخميس من شهر شعبان قضى اللهُ له عشرين حاجةً من حوائج الدنيا وعشرين حاجةً من حوائج الآخرة".
والحمد لله رب العالمين
الشيخ محمد صنقور