تحديد ليلة الرغائب


المسألة:

في بعض النصوص وكلمات العلماء أن ليلة الرغائب هي أول ليلة جمعة من شهر رجب، وفي بعضها الآخر ليلة الجمعة المسبوقة بخميس من شهر رجب، فما هو الصحيح إن كان ثمة تعارض؟


الجواب:

ما وجدناه في الروايات أنَّ ليلة الرغائب هي أول ليلة جمعة مسبوقةٍ بيوم خميسٍ واقعٍ في شهر رجب، فهذا هو ظاهر ما رواه العلامة في إجازته لبني زهرة وكذلك ما رواه ابن طاووس في الإقبال عن النبي (ص) مرسلاً حيث ورد في كلِّ منهما "ولكن لا تغفلوا عن ليلة أول جمعة منه فإنها ليلة تُسمِّيها الملائكة ليلة الرغائب .. ثم قال: ما من أحد يصوم يوم الخميس أول خميس من رجب ثم يصلي ما بين العشاء والعتمة اثنتي عشرة ركعة .."(1).

 

فإنَّ الظاهر من هذا النص أنَّ وقت صلاة ليلة الرغائب يكون في أول ليلة جمعةٍ المسبوقةٍ بيوم خميسٍ من شهر رجب، وذلك لأن قوله (ص): أول خميس من رجب يعد تفسيرا لمراده من قوله: أول جمعة منه، نعم يمكن القبول بعدم ظهور الرواية في اعتبار صوم الخميس في صحة صلاة الرغائب وأنَّ الصوم مطلوب ثان بالإضافة إلى مطلوبية الصلاة، فهما مطللوبان مستقلان إلا أن دعوى أن ليلة الرغائب تكون في أول ليلة جمعة من رجب حتى لو كانت مسبوقة بخميس من شهر جمادى الثاني هذه الدعوى خلاف ظاهر الرواية.

 

وعليه لو اتفق ثبوت الهلال الشرعي لشهر رجب ليلة الجمعة فإنَّ هذه الليلة لا تكون هي ليلة الرغائب بمقتضى ظاهر الرواية، وأما ما أفاده بعض العلماء من اعتبار هذه الليلة في الفرض المذكور هي ليلة الرغائب فلعل الوجه فيه هو استظهار أن ما ورد في الرواية من التنصيص على أنَّ الصوم يكون في أول خميس من رجب كان من تفسير الراوي ولم يكن من كلام النبي (ص) ومن الواضح أن تفسير الراوي لا يكون حجة على غيره إلا أن هذا الوجه غير تام نظراً لعدم وجود قرينة تقتضي استظهاره، فلو كان الراوي مفسِّراً ولم يكن ناقلاً لكان عليه نصب قرينة على أنه في مقام التفسير وإلا كان مدلِّساً وهو ما ينافي الأمانة المفترضة في الراوي.

 

والمتحصل أنَّ ليلة الرغائب هي ليلة الجمعة المسبوقة بخميس من شهر رجب فلا يصح الإتيان بالصلاة المؤقتة في ليلة الرغائب إلا في هذه الليلة، نعم يصح الإتيان بها في أول ليلة جمعة مسبوقة بخميس من شهر جمادى الثاني ولكن برجاء المطلوبية وذلك لاحتمال أن تكون هي ليلة الرغائب.

 

وكيف كان فالأمر سهل بعد أن كانت رواية الرغائب ساقطة عن الاعتبار نظراً لضعف سندها.

 

والحمد لله رب العالمين

 

الشيخ محمد صنقور

 

1- إقبال الأعمال -السيد ابن طاووس- ج 3 ص 185.الوسائل