الرواية الصحيحة والمصححَّة والمعتبرة
المسألة:
1- جاء في التهذيب: عنه عن محمد بن الحسين عن ابن أبي عمير عن بعض أصحابنا وما أحسبه إلا حفص بن البختري قال: قيل لأبي عبد الله (ع) في العجين يعجن من الماء النجس كيف يصنع به؟ قال: يباع ممن يستحل أكل الميتة" فمن هو القائل لعبارة وما أحسبه إلا حفص بن البختري؟ وهل هو حفص بن غياث؟
2- أحيانا يقال أن الرواية صحيحة وأخرى يقال مصححة فمال الفرق؟ وأحيانا يقال معتبرة فما المقصود بالمعتبرة هل المقصود الصحيحة أو الموثقة أو الأعم أو؟
الجواب:
الظاهر أن القائل هو ابن أبي عمير نفسه، وذلك لأنه لا طريق لمعرفة مَن يروي عنه ابنُ أبي عمير هذه الرواية بخصوصها إلا ابن أبي عمير نفسه فهو إنما أرسل الرواية لأنه نسي الذي يروي عنه لكنه كان يظنُّ قويَّاً أنَّه حفص بن البختري لذلك عبَّر عن ظنِّه بقوله "وما أحسبه إلا حفص بن البختري".
ولو كان القائل لهذه العبارة هو مَن يروي عن ابن أبي عمير لكان معناه أنه هو من نسيَ اسم الرواي الذي روى عنه ابن أبي عمير وذلك يقتضي أن يقول: وأحسبه قال أنَّه حفص بن البختري.
لأن الراوي عن ابن أبي عمير لا سبيل له إلى معرفة مَن يروي عنه ابنُ أبي عمير إلا ابن أبي عمير نفسه فإذا كان ابن أبي عمير قد أَخبره بمَن يروي عنه وهو قد نسيَه ولكنه احتمله فإنَّ عليه أن يُعبِّر عن ذلك بمثل: "وأحسبُه قال "أي ابن أبي عمير" أنه حفص بن البختري" وحيث أن المذكور في سند الرواية هو: "وما أحسبه إلا حفص" فذلك ظاهر في أنَّ الناسي لاسم الراوي هو ابنُ أبي عمير نفسه.
ثم إنَّ حفص بن البختري ليس هو حفص بن غياث، فحفص بن غياث كان عاميَّاً وذُكر في أصحاب الباقر (ع) كما أفاد الشيخ في رجاله وقد أفاد الشيخ في العدة أن الطائفة عملت برواياته رغم أنه من العامة، وكان نخعياً وقد ولي القضاء لهارون في بغداد الشرقية كما أفاد ذلك النجاشي.
وأما حفص بن البختري فلم يُذكر في أصحاب الباقر (ع) وكان مولى، ويظهر من كلمات الرجاليين أنه كان إمامياً وهو من يروي عنه ابن أبي عمير دون حفص بن غياث على أنَّه لم أجد من احتمل اتحاد الرجلين.
الرواية الصحيحة هي من كان رجال سندها جميعاً من الإمامية الثقاة.
وأما المصحَّحة فهي الرواية التي وقع الإشكال في بعض رجال سندها من جهة إماميته أو وثاقته أو من جهة اسنادها من حيث الاتصال أو الإرسال، ومن يصفها بالمصحَّحة فهو يذهب إلى انتفاء الإشكال عنها.
وحيث أنَّ الرواية المذكورة لا إشكال فيها إلى ابن أبي عمير فهي صحيحة إليه، نعم يقع الإشكال في سندها بعد ابن أبي عمير فمَن يرى أنَّ مراسيل ابن أبي عمير حجَّة فحينئذٍ لا إشكال بنظره فالرواية مصحَّحة عنده، ومن لا يقول بحجية مراسيل ابن أبي عمير فالرواية مصحَّحة عنده أيضاً لو استظهر من قوله "ما أحسبه إلا حفص بن البختري" أنَّ ابن أبي عمير مطمئن إلى أنَّ المروي عنه هو حفص، وأما من استظهر احتمال ابن أبي عمير وعدم اطمئنانه بأنه حفص، ولم يكن يرى أن مراسيل ابن أبي عمير حجَّة فحينئذٍ تكون الرواية عنده ساقطة عن الحجية.
وأما ما هو المقصود بالمعتبرة فهي الرواية الواجدة لشرائط الحجيَّة والاعتبار، ولذلك يُطلق هذا الوصف على الرواية الصحيحة والموثقة والحسنة بل قد يطلق هذا الوصف على الرواية المرسلة إذا كان مرسلها أحد المشايخ الثلاثة وهم ابن أبي عمير والبزنطي وصفوان بن يحيى البجلي ، وكذلك قد يطلق وصف المعتبرة على المراسيل الواجدة للحجيَّة بنظر الواصف وذلك لبعض الاعتبارات كالانجبار أو احتفاف الرواية بما يوجب الوثوق بصدورها.
إلا أنَّ السائد في كلمات السيد الخوئي (رحمه الله) هو اطلاق وصف المعتبرة على الرواية إذا كانت صحيحة أو موثَّقة أو حسنة.
والحمد لله رب العالمين
الشيخ محمد صنقور