(فيه بأس) ليس نصاً في الحرمة
المسألة:
هل عبارة (فيه بأس) نص في الحرمة، وذلك لأن البأس هو العذاب والشدة كما في الصحاح مثلا؟ وعليه فإذا جاءتنا رواية مثل "إذا كان له قشور فلا بأس" وكان لها مفهوم حاصله "وإذا لم يكن له قشور ففيه بأس" تكون هذه العبارة نصا في الحرمة؟ ومن من العلماء يذهب إلى هذا القول؟
الجواب:
جملة "لا بأس" في سياق بيان الحكم من حيث الحلية وعدمها نص في الحليَّة، وذلك لأنَّ البأس حتى لو كان مفاده الغضاضة ومطلق المرجوحيَّة فضلاً عن الشدَّة والعذاب فإنَّ نفيه عن الفعل صريح في نفي الحرمة، إذ لو كان مفاده الغضاضة والمرجوحية فإنَّ نفيها معناه أنَّ لا غضاضة في الفعل ولا مرجوحيَّة، وإذا كان كذلك فهو غير محرَّم قطعاً، ولو كان مفاده العذاب والشدة فإنَّ نفيه عن الفعل نفي للعذاب والشدة المساوق لنفي اتِّصاف الفعل بالحرمة.
وأما إثبات البأس في سياق بيان الحكم من حيث الحلية وعدمها فإنَّه لا يكون نصَّاً في إثبات الحرمة لاحتمال أن المراد من البأس هو الغضاضة الأعم من الغضاضة الشديدة وغيرها. نعم هو ظاهر في إثبات الحرمة إذا كان الكلام في سياق بيان الحكم من حيث الحلية والحرمة. والمؤيِّد لدعوى أنَّ إثبات البأس ليس نصَّاً في الحرمة هو إمكان الجمع العرفي بين خطابين أحدهما نصٌّ في الحلَّية والآخر وصَفَ الفعل بأنَّ فيه بأس.
فالعرف لا يرى أنَّ بين الخطابين تعارضاً مستقراً بل هو تعارض بدوي يمكن الجمع فيه على أساس حمل ما فيه البأس على الكراهة والمرجوحيَّة.
ومثال ذلك ما لو ورد "أنَّ تناول الطعام على الجنابة حلال" وورد "أن تناول الطعام على الجنابة فيه بأس" فإنَّ العرف لا يرى في ذلك تعارضاً مستقراً بل إنه يحمل قوله "فيه بأس" على إرادة الكراهة.
وكذلك لو ورد لا بأس بلبس الخاتم إذا لم يكن حديداً".
وورد أن لبس الخاتم الحديد مباح.
فإنَّ ظاهر الخطاب الاول هو أنَّ في لبس الخاتم الحديد بأساً إلا أنَّ الخطاب الثاني لما كان صريحاً في حليَّة لبس الخاتم الحديد كان ذلك مقتضياً بحسب الفهم العرفي لحمل البأس على إرادة الكراهة والمرجوحية.
والحمد لله رب العالمين
الشيخ محمد صنقور