كراهة التثاؤب في الصلاة


المسألة:

كما هو معروف ان التثاؤب من مكروهات الصلاة، ولكنه غير اختياري ولايمكن منعه، فلماذا يعد من المكروهات؟


الجواب:

التثاؤب في الصلاة إنما يكون مكروهاً في فرض الاختيار وأما ما يتفق وقوعه عن غير اختيار فهو مما لا تتعلَّق به الكراهة.

 

ولعل مما يؤيد ذلك ما ورد في معتبرة الحلبي عن أبي عبد الله (ع) قال: سألته عن الرجل يتثأب في الصلاة ويتمطى قال هو من الشيطان ولن يملكه"(1).

 

وكذلك ما ورد عن الفضيل بن يسار عن أحدهما (ع) أنه قال في الرجل يتثأب ويتمطى في الصلاة قال: هو من الشيطان ولا يملكه"(2). فمقتضى قوله "لن يملكه" أو "لا يمكله" أن ما كان خارجاً عن الاختيار فإنَّ المكلَّف غير مخاطبٍ بتركه وهذا ما يقتضي حمل النهي عن التثاؤب في بعض الروايات على ما كان منه ناشئاً عن الاختيار.

 

ودعوى أنَّ التثاؤب لا يكون إلا عن غير اختيار ليست تامة فأنَّ من التثاؤب ما يُمكن منعه كما هو ملاحظ بالوجدان.

 

على أن من الممكن أن يتعلَّق النهي بالتثاؤب غير الاختياري إذا كانت مقدماته اختيارية، فالتثاؤب كثيراً ما يصدر نتيجةَ الشعور بالكسل والخمول، وهذا الشعور ينشأ غالباً عن التملِّي من الطعام أو التقليل أو الاكثار من النوم أو غير ذلك مما هو اختياري للإنسان، فالتثاؤب وإن كان في غالب حالاته خارجاً عن الاختيار إلا أنه يُعد اختيارياً في الحالات التي تكون مقدماته اختيارية.

 

فكما يُعدُّ الشبع مثلاً اختيارياً لأنَّ مقدماته اختيارية فكذلك هو التثاؤب يكون اختيارياً إذا كانت مقدماته اختيارية.

 

ولعله لذلك صحَّ نسبة التثاؤب إلى الشيطان إذ أن التثاؤب كثيراً ما يصدر عن مقدمات مرجوحة ومناسبة لتسويلات الشيطان كالتملٍّي من الطعام والاكثار من النوم والاسترخاء.

 

وعليه فالذي يمكن أن يتعلَّق به النهي إنما هو التثاؤب الاختياري للانسان أو التثاؤب الذي تكون مقدماته اختيارية.

 

وأما التثاؤب الذي لا يكون اختيارياً بنفسه للإنسان ولم ينشأ عن سوءِ اختيار الإنسان فهو غير مشمول للنهي.

 

والحمد لله رب العالمين

 

الشيخ محمد صنقور

 

1- وسائل الشيعة (آل البيت) -الحر العاملي- ج 7 ص 260.

2- وسائل الشيعة (آل البيت) -الحر العاملي- ج 7 ص 260.