المشتبه بين المطلق والمضاف أو المباح والمغصوب


المسألة:

لماذا لا يسوغ التيمم اذا اشتبه بين الماء المطلق والمضاف؟ وبينما الاشتباه بين النجس والطاهر أو بين المغصوب والمباح يسوغ التيمم بإراقة الماء؟


الجواب:

أما لماذا لا يسوغ التيمم لو كان لدى المكلف إناءان أحدهما فيه ماء مضاف والآخر فيه ماء مطلق ولا يعلم أيَّهما المطلق، فعدم جواز التيمم في هذا الفرض ناشئ عن أنَّ المكلف واجد للماء الذي يسوغ شرعاً رفع الحدث به، غايته أنه لا يعلم منطبَقه وهل هو الإناء الاول أو الثاني، فلو أنَّه توضأ بكلا الإناءين فإنَّ الحدث سيرتفع بذلك قطعا، لأنه لو كان الإناء الاول هو المشتمل على الماء المطلق فإنه قد توضأ به، ولو كان الماء المطلق في الإناء الثاني فإنَّه قد توضأ به.

 

فعدم انتقال وظيفة المكلَّف في هذا الفرض للتيمم نشأ عن أنه واجد للماء المطلق الذي يسوغ التوضأ به، وإنما وجب عليه الإتيان بوضوءين لأنه بذلك يحرز التوضأ بالماء المطلق، فأحد الوضوءين لا بعينه كان مقدمةً علمية لإحراز التوضأ بالماء المطلق.

 

وأما لماذا يسوغ التيمم لو كان لدى المكلف ماء مشتَبه بين إناءين أحدهما مشتمل على النجس والآخر مشتمل على الطاهر فلورود النص مثل معتبرة سماعة قال: سألت أبا عبدالله (ع) عن رجلٍ معه إناءان فيهما ماء وقع في أحدهما قذر لا يدري أيَّهما هو، وليس يقدر على ماءٍ غيره؟ قال: يُهريقهما جميعاً ويتيمم(1).

 

فالرواية صريحة في جواز التيمم في هذا الفرض، ولعل منشأ الأمر بإهراق الماءين هو التثبُّت من تحقُّق موضوع التيمم وهو فقدان الماء، لأنه مع وجود الماءين يُمكن أن لا يصدق الفقدان للماء في بعض الصور، وتفصيل ذلك لا يُناسب المقام.

 

وأما لو كان للمكلَّف إناءان أحدهما مغصوب والآخر مباح ولا يعلم أيَّهما المباح منهما ففي مثل هذا الفرض يحرم على المكَّلف التوضوء بهما أو بأحدهما، وذلك لأنَّ العلم الإجمالي بغصبية أحدهما يُوجب تنجُّز حرمة التصرُّف فيهما معاً، وحينئذٍ لا يقع الوضوء صحيحاً لأنه إذا كان التصرف في كلا الإناءين محرماً بمقتضى العلم الإجمالي بغصبية أحدهما فذلك يقتضي فساد الوضوء لأن الوضوء يكون في هذا الفرض مصداقاً للمحرم، والمحرم لا يقع مصداقاً للمأمور به.

 

وبتعبيرٍ آخر: الماء المعلوم الغصبية بالعلم التفصيلي أو الأجمالي يحرم التصرُّف فيه بأي نحوٍ من أنحاء التصرفات ومنها التصرُّف الوضوئي، فإذا كان التصرُف الوضوئي وهو غسل الوجه واليدين محرَّماً فحينئذٍ يستحيل أن يكون مصداقاً للمأمور به.

 

والحمد لله رب العالمين

 

الشيخ محمد صنقور

 

1- وسائل الشيعة (آل البيت) -الحر العاملي- ج 1 ص 151.