منشأ انحراف ابن نوح (ع)


المسألة:

لماذا انحرف ابن نبي الله نوح (ع) الذي أخبرنا الله عنه في القرآن: ﴿يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ﴾(1)؟ ما أسباب انحرافه؟ مع أن أباه نبي الله نوح كان داعيًا؟!


الجواب:

إن ابن نوح كان ابناً نسبياً حقيقةً لنبيِّ الله نوح (ع) إلا انَّ ذلك لا يستلزم ان يكون من أهل الايمان فإنَّ الله عز وجل منح الانسان العقل وبيَّن له الهدى والرشاد ثم منحه الاختيار فمَن اختيار الايمان بالله تعالى وبرسله فقد اختار الهدى والرشاد ومَن اتخذ طريق الكفر بالله تعالى فقد وقع في الضلال بسوء اختياره، وهذا الشأن ينسحب على كلِّ بني الانسان حتى أولاد الأنبياء، فانحراف ابن نوح ليس مستغرباً بعد ان كان مختاراً غير مقسورٍ على الايمان وقد سبقه إلى ذلك ابنُ آدم قابيل الذي اطاع الشيطان فقتل أخاه هابيل حسداً منه وعدواناً، وقد أخبر القرآن عما فعله اخوةُ يوسف بأخيهم فقد ألقوه في الجب وكذبوا على أبيهم ﴿قَالُواْ يَا أَبَانَا إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِندَ مَتَاعِنَا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ وَمَا أَنتَ بِمُؤْمِنٍ لِّنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ / وَجَآؤُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ ..﴾(2) فلو لا ان تداركتهم رحمةُ الله لكانوا من الهالكين ﴿قَالُواْ يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ / قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّيَ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾(3).

 

ولعلَّ منشأ انحراف ابن نوح (ع) انَّه وقع تحت تأثير التربية الخاطئة لأمه حيث انّ زوجة نوح (ع) لم تكن من الصالحات والظاهر انَّها امٌ لابن نوح (ع).

 

قال تعالى: ﴿ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَاِمْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ﴾(4).

 

فامرأة نوح لم تكن مؤمنةً بنوح (ع) بل كانت فيمن تَظاهرَ عليه وفيمن عانده وضادَّه، فقد ورد انَّها كانت تقول لقومه انَّه مجنون، فمن المحتمل قوياً انَّها كانت تُلقِّن ابنه ذلك وتحرِّضه على عدم الايمان بأبيه فكان ذلك مقتضياً لانحرافه والله أعلم بحقائق الأمور.

 

والحمد لله رب العالمين

 

الشيخ محمد صنقور

 

1- سورة هود / 46.

2- سورة يوسف / 17-18.

3- سورة يوسف / 97-98.

4- سورة التحريم / 10.