تزوجها مطلقها ثم طلقها قبل الدخول
المسألة:
لو انَّ رجلاً تزوَّج امرأةً ودخل بها ثم طلَّقها في طهرٍ لم يُواقعها فيه طلاقاً بائناً خلعياً مثلا، وقبل إنقضاء عدَّتها عقَدَ عليها بعقدٍ جديد ثم طلَّقها قبل أنْ يدخل بها، فهل عليها عدَّة في هذا الفرض؟
الجواب:
نعم يلزمها إكمال ما بقيَ من أيام عدَّتها من الطلاق الأول، وذلك لأنَّه طلاقٌ وقع بعد الدخول، ولا موجب لسقوط العدَّة عنها أو سقوط ما بقي من أيامها، وإنَّما ساغ للزوج المطلِّق الزواج مجدداً منها في العدَّة، لأنَّه لا يجب عليها العدَّة من جهة زوجها الذي طلَّقها لقيام الدليل الخاص على عدم وجوب العدَّة عليها من جهته كمعتبرة ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَمَّنْ رَوَاه قَالَ: "إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا تَزَوَّجَ الْمَرْأَةَ مُتْعَةً كَانَ عَلَيْهَا عِدَّةٌ لِغَيْرِه فَإِذَا أَرَادَ هُوَ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهَا مِنْه عِدَّةٌ، يَتَزَوَّجُهَا إِذَا شَاء"(1) فهو قد كان صاحب الفراش الذي إنَّما تستبرأ بالعدَّة من أجله.
وحيث انَّ مفروض المسألة انَّه طلَّقها بعد انْ عقدَ عليها مجدداً دون انْ يدخل بها لذلك لم يجب عليها العدَّة من العقد الثاني لعدم الدخول ولكنَّ ذلك لا يُصحِّح سقوط العدة للطلاق الأول الذي وقع بعد الدخول ولم تستوفِ مدَّتها، فمقتضى إطلاقات ما دلَّ على انَّ المطلَّقة مُلزمة بالعدَّة التامَّة هو وجوب إتمام ما بقيَ من أيام عدَّتها.
وأما الإستدلال بقوله تعالى: ﴿إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا﴾(2) على عدم وجوب العدَّة على الزوجة بعد الطلاق الثاني نظراً لفرض عدم الدخول بها فلا يتم، وذلك لأنَّ الدعوى إنَّما هي وجوب العدَّة عن الطلاق الأول الذي وقع بعد الدخول، وأما الطلاق الثاني فلا عدَّةَ من جهته.
فمفروض المسألة داخلٌ في إطلاق مثل قوله تعالى: ﴿وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ﴾(3) فهذه مطلَّقة مدخولٌ بها ولم تتربَّص المدَّة المفروضة فتظلُّ مخاطبةً بالعدَّة إلى حين إنقضائها أو قيام دليلٍ خاص على سقوط الأمر بالتربُّص، ولم يقم من دليلٍ على ذلك.
والحمد لله رب العالمين
الشيخ محمد صنقور
1- الكافي -الشيخ الكليني- ج 5 ص 459.
2- سورة الأحزاب / 49.
3- سورة البقرة / 288.