نفي الزوجية بقاعدة الحرج


المسألة:

سألتكم فيما سبق عن امرأة تزوجت بالعقد المنقطع ثم هجرها الزوج ولم تتمكن من لقائه لتطلب منه أن يهبها المدة، حيث أن صبرها على المدة الباقية حرجي لحاجتها الملحة للزواج، فجاء جوابكم بأنه عليها أن تصبر.

 

والسؤال: لماذا لم تجر قاعدة لا حرج لرفع الحكم الوضعي وهو الزوجية مثلا؟

هل لأن هذا التكليف مبني على الحرج بهذا المقدار المتعارف لكل امرأة تحتاج إلى الزواج كما هو الحال لمن كان بحاجة إلى النكاح ولا يجد إلا النكاح المحرم؟

أو أن قاعدة لا حرج لا تجري لنكتة أخرى؟


الجواب:

قاعدة نفي الحرج تنفي الحكم الذي ينشأ عنه الحرج، فهي تنفي الوجوب عن الوضوء الحرجي لأن الوجوب هو منشأ الحرج، فإنه لولا الوجوب لما توضأ ووقع في الحرج، وكذلك هي تنفي الوجوب عن الصوم الحرجي لأن الوجوب هو منشأ الحرج، فحين انتفاء الوجوب فإنَّ المكلف لن يقع في الحرج لانه لن يصوم.

 

فقاعدة نفي الحرج تعني انَّ كلَّ حكمٍ ينشأ عنه الحرج فهو غير مجعولٍ على المكلف.

 

وعليه يتضح عدم شمول القاعدة لمفروض المسألة فإنَّ الحكم ببقاء الزوجية عند عدم طلاق الزوجة أو عدم هبتها للمدة في المنقطع ليس هو منشأ الحرج بحيث لولاه لما وقعت المرأة في الحرج، فإن هذه المرأة تظلُّ في الحرج حتى لو تمَّ البناء على نفي الحكم ببقاء الزوجية، ولن تخرج من حرجها إلا بتشريع زواجها من آخر، ومن الواضح ان قاعدة نفي الحرج قاصرة عن إثبات حكم شرعي فهي لا تُؤسس لحكمٍ شرعي درءً للحرج وإنما تنفي الحكم الشرعي الذي يكون بنفسه منشأً لوقوع المكلف في الحرج.

 

هذا مضافاً إلى ان قاعدة نفي الحرج من القواعد الامتنانية على عموم المكلفين، ولذلك فهي لا تجري في الموارد التى يكون في جريانها امتنان على بعض المكلفين ونقمة على آخر، والأمر كذلك في المقام فإن الحكم بانتفاء الزوجية منافٍ لحق الزوج إلا ان يكون مضاراً وحيئذٍ يكون على الحاكم الشرعي إلزامه بتخليتها أو أداء حقوقها وكل ذلك لا ربط له بمفاد القاعدة.

 

والحمد لله رب العالمين

 

الشيخ محمد صنقور