معنى الغنيمة في المعاوضات


المسألة:

قال بعض العلماء أن الأرض التي يشتريها المسلم من الذمي لا يصدق عليها أنها غنيمة لأنه دفع في قبالها المال، أقول إذا كانت النكتة هي هذه فإن هذا يجري حتى على مثل الإجرة فإنه دفع في قبالها العمل أي لم يأخذها مجاناً مع أنَّ هذا القائل يلتزم أن أرباح المكاسب حتى المكتسبة يصدق عليها الغنيمة واستثنى خصوص الأرض التي اشتراها المسلم من الذمي والمال المختلط بالحرام فماذا تقولون؟

الجواب:

لعلَّ مقصودكم الأرض الذي يشتريها الذمِّي من المسلم، فهي التيورد النصُّ الخاصُّ على وجوب تخميسها، وأمَّا الأرض التي يشتريها المسلم من الذمي فإنَّها كأيِّ أرضٍ يشتريها المسلم من مالكها مسلماً كان أو ذمِّياً أو كافراً غير ذمي.

وكيف كان فالأرض المشتراة إنْ كانت قد اشتُريت بقيمتها السوقية بحيث لم يتحقق له من المعاوضة المذكورة ربحٌ فإنَّه لا يصدق على هذه الأرض المشتراة أنَّها غنيمة، نعم يجب تخميسها إذا كانت قد اشتُريت بأموالٍ كان قد غنمها ولم يخمسها إلا أن يكون قد صرف الأرض في مؤنته، فإنَّ الخمس يسقط عنه لا لأنَّ أموال الأرض ليست غنيمة بل لأنَّ الخمس إنما يثبت بعد المؤنة.

وإن كان قد اشترى الأرض بأقلَّ من قيمتها أو اشتراها فارتفع ثمنها بعد الشراء فالزائد يُعدُّ من الغنيمة وما سوى الزائد ليس من الغنيمة.

فالمراد من الغنيمة في المعاوضات هو ربح المعاوضة، وأمَّا ماتمَّ تملُّكه في مقابل تمليك ما يُساويه فلا يُعدُّ من الغنيمة لأنَّه ليس ربحاً، نعم قد يكون المال الذي تمَّ تمليكه في المعاوضة غنيمة في معاوضةٍ سابقة، ولهذا يجب تخميسه لأنَّه غنيمة في معاوضةٍ سابقة لا في المعاوضة اللاحقة التي ملَّك فيها المال في مقابل ما يُساويه.

وأما الأجرة المأخوذة في مقابل العمل فهي بنظر العرف من الأرباح ولكن بعد استثناء مؤنة التحصيل، فالجهد المبذول في مقابل الأجرة المكتسبة لا تلغي بنظر العرف صدق الربح والغنيمة عن الأجرة، نعم لا يصدق الربح على مايصرفه الأجير بسبب الجهد المبذول، فالربح إنَّما يصدق على مازاد من الأجرة بعد استثناء ما صرفه في سبيل تحصيلها من سفرٍ وعلاج وطعام وغير ذلك.

والحمد لله رب العالمين

 

الشيخ محمد صنقور