الأصل عند الشك في إقتضاء الأمر للحكم الوضعي
المسألة:
لو ورد أمر في الأموال مثل وجوب تمتيع المطلقة على المطلق، وشككنا في كونه حكماً تكليفياً محضاً وبين كونه حكماً وضعياً يتعلق بالذمة ليجب إخراجه من التركة مثلا، فما هو مقتضى الأصل في المقام؟
الجواب:
إذا لم يكن في خطاب الأمر المالي ما يقتضي استظهار إشتغال ذمة المكلف بالمال المأمور بإخراجه فالاصل الجاري هو البراءة بعد سقوط الأمر بانتفاء الموضوع لإنعدامه مثلاً أو إنتهاء وقته.
فلو فُرض انَّ الأمر بالنفقة مثلاً على أحد الأقارب كان غير ظاهرٍ في أكثر من الحكم التكليفي بوجوب النفقة، وكان من المحتمل انَّ الذمة تكون مشتغلة بالنفقة في فرض عدم الإلتزام بالإنفاق، فلو مات القريب وانعدم موضوع الأمر ووقع الشك في إشتغال الذمة فإنَّ الاصل الجاري هو البراءة.
وكذلك لو فُرض انَّ الأمر بإخراج الفطرة يوم العيد لم يكن ظاهراً في أكثر من الحكم التكليفي بوحوب إخراج الفطرة للفقير، وكان من المحتمل إشتغال الذمة بالفطرة بعد إنتهاء وقتها فإنَّ الأصل الجارى في هذا الفرض هو البراءة.
ومنشأ ذلك هو انَّ الحكم الوضعي المحتمل في مثل المقام هو موضوع لحكمٍ تكليفي، اي إنَّ إحتمال إشتغال ذمة المأمور بالمال يستبطن حكماً تكليفياً زائداً، والاصل براءة الذمة منه.
فحينما يُوجَّه خطابٌ لمكلَّف بأنْ أعطِ زيداً درهماً فإنَّ هذا الخطاب ظاهرٌ في الوجوب التكليفي بإعطاء زيدٍ درهماً، فلو قلنا إنَّه يقتضي مضافاً للحكم التكليفي المذكور إشتغال ذمة المكلف بالدرهم لزيد لكان مقتضى ذلك انَّه لو مات زيد فإنَّ المكلَّف مخاطب باعطاء الدرهم لورثته، وهذا تكليف آخر غير التكليف الاول، والاصل براءة الذمة منه في فرض الشك.
وكذلك فإنَّ مقتضاه لزوم إعطاء زيدٍ أو ورثته الدرهم من تركة المكلف لو مات المكلَّف ، وهذا تكليفٌ زائد، والاصل هو براءة الذمة منه.
والحمد لله رب العالمين
الشيخ محمد صنقور