المُحصن الذي يكون حدُّه الرجم إذا زنى


المسألة:

ما معنى المحصن وغير المحصن؟

الجواب:

المُحصن الذي يكون حدُّه الرجم إذا زنى هو مَن تكون لو زوجة دائمة دخل بها ويتمكَّن من معاشرتها متى أراد، فلا يكون الرجل مُحصناً لو كانت له زوجة مَلَك عليها ولم يدخل بها أو كان له زوجة دخل بها ولكنَّه كان في ظرفِ إرتكابه لفاحشة الزنا غائباً لسفرها عنه أو سفره عنها بحيث لا يتمكن من معاشرتها لو أراد أو كان ممنوعاً قسراً من معاشرتها لحبسٍ وشبهه أو كان ثمة عائقٌ تكويني مثلاً من معاشرتها، ففي مثل هذه الفروض لا يُعدُّ الرجل محصناً وإنْ كان متزوجاً.

ويدلُّ على ذلك عددٌ من الروايات:

منها: معتبرة عمر بن يزيد، عن أبي عبد الله (عليه السلام) -في حديث- قال: "لا يُرجم الغائب عن أهله، ولا المملك الذي لم يبنِ بأهله، ولا صاحب المتعة".

فالفقرة الأولى تدلُّ على انَّ الغائب ليس محصناً وإنْ كان متزوِّجاً، والفقرة الثانية تدلُّ على إعتبار الدخول وانَّ مجرَّد المِلكة دون الدخول لا تُحقِّق الإحصان، والفقرة الثالثة تدلُّ على إعتبار أنْ يكون الزواج دائماً فلا يكفي الزواج المنقطع لتحقق الإحصان.

ومنها: معتبرة أبي عبيدة عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: "قضى أمير المؤمنين (عليه السلام) في الرجل الذي له امرأة بالبصرة ففجر بالكوفة أن يدرأ عنه الرجم ويضرب حد الزاني، قال: "وقضى في رجل محبوس في السجن وله امرأة حرة في بيته في المصر وهو لا يصل إليها فزنى في الحد ويدرء عنه الرجم".

ومنها: معتبرة محمد بن مسلم قال : سمعتُ أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: "المُغيَّب والمُغيَّبة ليس عليهما رجم، إلا أنْ يكون الرجل مع المرأة، والمرأة مع الرجل".

ومنها: معتبرة إسماعيل بن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: "قلت: ما المُحصن، رحمك الله؟ قال: مَن كان له فرج يغدو عليه ويروح فهو مُحصن".

ومنها: معتبرة حريز قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن المحصن، قال: "فقال: الذي يزني وعنده ما يُغنيه".

فمقتضى معتبرة أبي عبيدة انَّ المسافر عن زوجته وكذلك المحبوس لا يُعدُّ محصناً، وكذلك فإنَّ مقتضى معتبرة محمد بن مسلم انَّ المغيَّب عن زوجته والمغيَّبة عنه زوجته لا يُعدُّ محصناً إلا انَّه لا خصوصيَّة لهذه العناوين بل إنَّ مناط الإحصان هو تمكُّن الزوج من الإستمتاع بزوجته متى شاء كما يظهر ذلك من معتبرة إسماعيل بن جابر حيثُ أفاد الإمام(ع) فيها بأنَّ مناط الإحصان هو انْ يكون للرجل فرج يغدو عليه ويروح، وكذلك معتبرة حريز التي أفادت بأنَّ مناط الإحصان هو ان يكون للزاني ما يُغنيه.

فالمناط فيما يتحقَّق به الإحصان عند الرجل هو ان يتمكَّن من معاشرة زوجته متى شاء ، ومنه يظهر انَّه لو كان مسافراً ولكنَّه متمكن من الإستمتاع بزوجته متى شاء فإنَّه يُعدُّ محصناً.

وكذلك يظهر من معتبرتي إسماعيل وحريز انَّه لو كان العائق غير السفر والحبس والغَيبة فإنَّه ينفي الإحصان، فلو كانت الزوجة في محضر الرجل ولكنَّه كان ممنوعاً من معاشرتها أو كانت مريضة مرضاً يمنعه منه معاشرتها فإنَّه في مثل هذا الفرض لا يُعدُّ محصناً، لأنَّه لا يصدق في حقه انَّ له فرجاً يغدو عليه ويروح.

وأما شرط الإحصان للمرأة فكذلك هو انْ تكون -مضافاً إلى الحريَّة- متزوِّجة زواجاً دائماً قد وقع فيه الدخول وكان زوجها متمكِّناً من الوصول إليها وهي متمكِّنة من الوصول إليه، ويدلِّ عليه مضافاً إلى معتبرة محمد بن مسلم ما ورد في مثل معتبرة أبي عبيدة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: "سألتُه عن امرأة تزوَّجت رجلاً ولها زوج؟ قال: فقال: إنْ كان زوجها الأول مقيماً معها في المصر التي هي فيه تصل إليه ويصل إليها، فانَّ عليها ما على الزاني المحصن الرجم، وإنْ كان زوجها الأول غائباً عنها أو كان مقيماً معها في المصر لا يصل إليها ولا تصل إليه، فانَّ عليها ما على الزانية غير المحصنة ..".

ومعتبرة إسحاق بن عمار، قال: قلت لأبي إبراهيم (عليه السلام): الرجل تكون له الجارية أتُحصنه؟ قال: "فقال: نعم، إنَّما هو على وجه الاستغناء، قال: قلت: والمرأة المتعة؟ قال: فقال: لا، إنَّما ذلك على الشئ الدائم ..".

والحمد لله رب العالمين

 

الشيخ محمد صنقور