دفن الأب إذا مات نصرانياً


المسألة:

[2785] محمد بن الحسن، عن المفيد، عن الصدوق، عن محمد بن الحسن، عن محمد بن يحيى، عن محمد بن أحمد بن يحيى، عن أحمد بن الحسن بن علي بن فضال، عن عمرو بن سعيد، عن مصدق بن صدقة، عن عمار بن موسى، عن أبي عبدالله (عليه السلام)، أنه سئل عن النصراني يكون في السفر وهو مع المسلمين فيموت؟ قال: "لا يغسله مسلم ولا كرامة، ولا يدفنه، ولا يقوم على قبره، وإن كان أباه".

 

ما مدى صحة سند ومتن هذا الحديث؟ أليس من المصاحبة بالمعروف في الدنيا ان يدفن المسلم أباه النصراني؟


الجواب:

سند الرواية مشتملٌ على عددٍ من الفطحيَّة وهم أحمد بن الحسن بن علي بن فضال وعمرو بن سعيد المدائني ومصدق بن صدقة وعمار بن موسى الساباطي إلا انَّهم ثقاة، ولذلك فالرواية من حيث السند معتبرة ويُعبَّر عنها في الإصطلاح بالموثَّقة.

 

وأما من حيث المتن فقد أفتى الفقهاء بمفاد الرواية، ولم يقع خلافٌ بينهم في عدم جواز تغسيل غير المسلم وتكفينه والصلاة عليه، فإنَّ هذه الرسوم التعبُّديَّة خاصةٌ بالمسلمين، فغيرُ المسلم لا يُؤمن أساساً بمثل هذه المراسم الدينيَّة، ولذلك لا يُعدُّ عدم إجرائها عليه حين موته تضييعاً لحقه لو كان أباً أو قريباً.

 

وأما دفنه فجائزٌ دون ريب خصوصاً إذا لم يكن ثمة مَن يقوم بدفنه من ذوي ملَّته، وأما قول الإمام (ع): "ولا يدفنه" فمعنى ذلك انَّه لا يتولَّى دفنه لو كان ثمة مَن يدفنه من أهل ملَّته، وأما إذا لم يُوجد مَن يدفنه فعلى المسلمين خصوصاً إبنه وذوي قرابته أنْ يتولَّوا دفنه ولكن على غير النحو الذي يُدفن عليه الميِّت المسلم، فلا يُدفن في مقابر المسلمين ولا يُوجَّه حين الدفن إلى جهة القبلة، وذلك لا يُعدُّ من العقوق وعدم المصاحبة بالمعروف لو كان الميِّت أباً أو أُما لأنَّهما غير مؤمنَين بمثل هذه المراسم، فهما لا يرغبان في إجرائها عليهما بل قد يُعدُّ دفنهما إلى جهة القبلة وفي مقابر المسلمين إهانةً لهما لا أقل بنظر ذوي ملَّتهما لأنَّهما لا يعترفان بقبلة المسلمين ويُغيظهما مجاورة أموات المسلمين في مقابرهم، فهما يَعتبران انَّ الإحسان لهما هو أنْ يُدفنا في المقابر المعدَّة لذوي ملَّتهما وأنْ يتولى علماء النصارى -لو كانا من النصارى- وصلحاؤهم شأن تجهيزهما.

 

والحمد لله رب العالمين

 

الشيخ محمد صنقور