المقسم به
المقسم به في الآيتين هو لفظ الجلالة الذي جاء ذكره في القرآن الكريم حوالي 980 مرة.
وقد ذهب غير واحد من أصحاب المعاجم إلى أنّ أصله، إله، فحذفت همزته وأدخل عليه الألف واللام فخص بالباري تعالى، قال تعالى: (فَاعْبُدْهُ واصْطَبِرْ لِعِبادتِهِ هَل ْتَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا)(1).
ثمّ إنّ "إله" إما من أله يأله فهو الإله بمعنى المعبود، أو من أله - بالكسر - أي تحير، لتحير العقول في كنهه.
أقول: سيوافيك بأن ّالإله ليس بمعنى المعبود، وأن ّمن فسره به فقد فسره بلازم المعنى، وعلى فرض ثبوته فلفظ الجلالة علم بالغلبة وليس فيه إشارة إلى هذه المعاني من العبادة والتحيّر، وقد كان مستعملاً دائرًا على الألسن قبل نزول القرآن تعرفه العرب في العصر الجاهلي، يقول سبحانه: (ولَئِنْ سَألْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللّه)(2).
فقد أشار بلفظ الجلالة إلى خالق السماوات والأرض دون تبادر مفهوم العبادة أو التحير منه.
وممّا يدل على كونه علمًا انّه يوصف بالأسماء الحسنى وسائر أفعاله المأخوذة من تلك الأسماء من دون عكس، فيقال اللّه الرحمن الرحيم، أو يقال علم اللّه ورزق اللّه، ولا يقع لفظ الجلالة صفة لشيء منها، ولا يؤخذ منه ما يوصف به شيء منها، وهذا يدل على أنّه علم وليس بوصف، فيكون اسمًا للذات الواجبة الوجود المستجمعة لجميع صفات الكمال، ولهذا اللفظ في جميع الألسنة معادل كلفظة "خدا" في لغة الفرس و"حرًا" في لغة الإفرنج و "تاري" في لغة الترك(3).
1 - مريم: 65
2 - الزخرف: 87
3 - انظر الميزان: 1|18.